اتهام السودان لواحد من سببين
حكاية العلاقات السودانية الليبية حالياً رغم حرب التصريحات الإعلامية لكنها تمضي في اتجاه المصداقية من الجانبين، بمعنى أن الحكومة الليبية الآن تفتّر العلاقات بين البلدين لأسباب من بينها مفاهيم مغلوطة عن أيدولوجية الحكومة السودانية. ومن الطبيعي أن تتحالف الحكومة الليبية مع حليف القذافي سابقاً وعدوه لاحقا خليفة حفتر الذي ينظر إليه بأنه سيكون «سيسي ليبيا القادم». ولا أدري هل سيأتي الى حكم ليبيا فقط بانقلاب مدعوم من الخارج القريب أم عبر صناديق الاقتراع؟! كل هذه المعطيات على الساحة الليبية بالضرورة ستؤجل تحسين العلاقات السودانية الليبية بصورة قد تكون كما كانت عليه أيام القذافي غير أنه كان منافقاً جداً في تعامله الدبلوماسي مع الخرطوم. لكن في ظل نفاق نظام القذافي جنى السودان بعض المصالح كما تضرر ببعض سلوك النظام البائد بدعمه لبعض الحركات المتمردة. الآن لا نتهم الحكومة الليبية العلمانية الحالية بأنها يمكن أن تؤذي السودان من خلال نفس الشيء الذي كان يؤذيه به نظام القذافي. لكن اتهام رئيس الوزراء الباطل للسودان «الباطل الاتهام طبعاً»، بأنه يدعم بعض الفصائل المسلحة في ليبيا. اولاً لم يكن لائقاً برئيس حكومة، لأنه لم يطلق اتهامه هذا متبوعاً بقرائن واضحة يمكن أن يراها الناس إنها تشير الى ما اتهم به الخرطوم. ثانياً لا يمكن أن تكون مصلحة السودان في نسف الاستقرار في ليبيا بعد سقوط القذافي لأنه أول المؤيدين لإسقاطه من الحكم رغم التعاون بين البلدين في عهد حكومة القذافي، لكنه كان من باب النفاق الدبلوماسي لان ذاك النظام كان يدعم التمرد ضد الخرطوم، بل ان جرأة حركة العدل والمساواة عام 2008م في التقدم نحو الخرطوم في عملية انتحارية كانت بسبب الاستقواء والاعتماد الكامل على دعم قبلي «بسكون الباء» وبعدي للغزو. أي قبل وبعد الغزو.
وإذا كان رئيس الوزراء الليبي يتهم السودان بمثل هذه التهم الغريبة والعجيبة، فمن حق السودان إذن أن يتهمه بأنه يريد أن يهيئ المسرح لاستئناف الدعم الليبي لبعض حركات دارفور المتمردة. نعم مثل هذا الإتهام الغريب يمكن ان يطرب هؤلاء المتمردين ويطلق لصالحهم أجواء تفاؤل باستئناف دعم الحكومة الليبية لأنشطتهم حتى ولو كانت هذه الأنشطة هي عمليات النهب المسلح التي أشارت إليها قبل عامين بعض تقارير وزارة الخارجية الأمريكية. فمهما اكتسب الحركات المتمردة في دارفور من الدعم الخارجي فأنه سيوظف بنسبة تسعين بالمائة أو أكثر لعمليات النهب المسلح والاعتداء علي الأسواق والقوافل التي تحمل البضائع من الشرق والوسط لإنسان الغرب.. مواطن دارفور وإنسان الجنوب الجديد.. مواطن جنوب كردفان.
إذن إذا كان رئيس وزراء الحكومة الليبية يملك دليلاً على أن السودان يريد نسف الاستقرار في ليبيا أو محاربة الديمقراطية التي أصبحت جسراً لوصول الإسلاميين إلى الحكم بعد إطاحة فرعون ليبيا، ما كان سيخفيه دون أن يصرح به في سياق الاتهام. لكن يمكن أن تكون قراءة المراقبين هي أن العلمانيين في ليبيا يخشون المناخ الديمقراطي النزيه حتى لا يأتي بالإسلاميين إلى الحكم، أو أنهم يريدون أن يدخلوا طرفاً في المؤامرة الدولية الإقليمية ضد السودان بإعادة معسكرات التمرد بقيادة جبريل إبراهيم إلى ليبيا بعدانهيار دولة جنوب السودان بالحرب القبلية.
الكاتب : خالد حسن كسلا
الحال الآن – صحيفة الإنتباهة