ورحل عميد الأدب العربي الساخر الذي تعلمنا منه أن تفتحت عينينا على القراءة والصحف الكثير من فنون وأدوات وتكنيك وأسرار الكتابة الساخرة ، فقد رحل عن هذه الفانية فجر الجمعة الماضية الكاتب الصحفي المصري الساخر أحمد رجب عن عمر ناهز 86 عاما، بعد مرض طويل، تعرض فيه مؤخراً لإنتكاسة عقب معرفته برحيل صديقه ورفيق دربه فنان الكاريكاتير مصطفى حسين، الذي رحل قبل ثلاثة أسابيع فقط.
اشتهر رجب بقدرته الهائلة على السخرية، وانتزاع البسمة الموجعة، تعليقا على ما يجري في الواقع السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي المصري والعربي ، عبر الشخصيات الكاريكاتيرية التي ابتكرها حيث كون مع الفنان مصطفي حسين أشهر ثنائي فني ساخر في تاريخ الصحافة المصرية، حيث كان (رجب) يقوم بطرح الفكرة والكلمات التي يقوم بتحويلها (حسين) بريشته وخطوطه القوية إلى رسومات مبهجة ونتيجة لذلك التعاون المشترك والثنائية العبقرية ظهرت شخصيات نالت شهرة شعبية كبيرة، منها: فلاح كفر الهنادوة، وقاسم السماوي، وكمبورة، وعبده مشتاق، وعزيز بك الأليت، ومطرب الأخبار، وعلي الكوماندا.
ولد أحمد رجب معوض متولي في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1928، وحصل على ليسانس الحقوق، والتحق للعمل بمكتب أخبار اليوم بالإسكندرية، ثم انتقل إلى القاهرة، وتولى مسؤولية سكرتير التحرير بعد أن اكتشف الأخوين مصطفى وعلي أمين مهارته الصحفية.
يعتبر أحمد رجب من أشهر أصحاب الأعمدة وذلك عبر زاويته التي بعنوان 12 كلمة، والتي كانت تنشر في جريدتي الأخبار اليومية، وأخبار اليوم الأسبوعية، وذلك افترة إمتدت إلى أكثر من نصف وعلى الرغم من الكلمات القليلة التي تحتويها 12 كلمة إلا أنها كانت تزخر بالسخرية اللاذعة ومشبعة بروح الفكاهة المصرية فقد كان (أحمد رجب) قريباً من الشارع المصري بل مختلطاً به فكان رحمه الله يعرف مشاكل مصر .. ومواطن مصر .. ويلخصها في عبارات محدودة .
كما يعتبر (أحمد رجب) أهم أعمدة الكتابة الساخرة في العالم العربي حيث كان صاحب مدرسة فنية فريدة ومتميزة لها بصمتها الواضحة في تاريخ الفن الساخر، سواء في مصر أو في الوطن العربي وبفقده فقد كل الكتاب الساخرين الأب والمعلم وفقدت مصر بوفاته نصف إبتسامتها كما قال نقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد .
لقد إستخدم (أحمد رجب) سلاح الكلمة الساخرة في شجاعة وجرأة في انتقاد الحكومات السابقة وذلك عبر أسلوبه القوي الساخر غير المصطنع ناقلاً نبض الشعب إلى المسؤولين في أوقات كان الانتقاد فيها يؤدي (في داهية) .
كتب أحمد رجب مجموعة من المؤلفات الساخرة التي وجدت رواجاً لا يضاهي وأضافت للمكتبة الساخرة العربية الكثير ، منها أي كلام، والحب وسنينه، وضربة في قلبك، ويخرب بيت الحب، وفوزية البرجوازية، والأغاني للرجباني، ويوميات حمار، وفلاح كفر الهنادوة والفهامة ونهارك سعيد.
في 18 يوليو الماضي نشرت للكاتب الكبير آخر (نص كلمة) بجريدة (أخبار اليوم) بعنوان (شيخوخة الموبايل والأزرار التى لا تنتهى) وجاء نصها كالآتي :
تسع سنوات استمر الموبايل فى الخدمة حتى أدركته الشيخوخة، واشتروا لى تليفونا مليئاً بالأزرار، هذا زر للقاموس، وهذا زر للعمليات الحسابية، وهذا زر لتكييف الهواء، وهذا زر لخرط الملوخية، وهذا زر دورة المياه، وهذا للسيفون، وأعداد لا تنتهى من الازرار، أما الكلام فى التليفون فهو مشكلة المشاكل، الصوت بعيد جدا من يريد الاتصال بى لابد أن يتوافر عنده صبر أيوب.
رحمة الله عليك أستاذنا أحمد رجب .
كسرة : كم سيفتقدك الأدب الساخر أيها الرجل الجميل كسرة ثابتة (قديمة) أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو(وووو وووو وووو وووو وووو وووو وووو)+(وووو) +و+و كسرة ثابتة (جديدة): أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو(وووو وووو وووو)+(وووو)+و+و[/JUSTIFY]
الفاتح جبرا
ساخر سبيل
[email]gabra-media@hotmail.com[/email]