يحكى أن الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي الخليجية بالتحديد، تناقلت بالأمس تصريحا عجيبا لمحامي السفارة الإثيوبية في الكويت، يحذر فيه من عيد النحر للإثيوبيين الذي يصادف أمس واليوم، ويطلب من كل من تعمل معه عاملة إثيوبية بأخذ الحيطة والانتباه للأطفال، باعتبار إن الإثيوبيين يمارسون ضمن طقوسهم في هذا العيد طقسا أساسيا هو نحر (الأطفال) والبني آدميين بصورة عامةً!
التصريح الجاهل غير المسؤول لقي رواجا عجيبا وتداولته الصحف الإلكترونية الخليجية مع إضافة (البهارات) المناسبة التي تجعل من هذا العيد الإثيوبي (مناسبة وحشية) لإراقة دماء البشر، وكأن هذا الشعب (الإثيوبي) شعب آخر منتزع من قلب أفلام هوليوود الخرافية المرعبة، وليس هو ذلك الشعب صاحب الحضارة والتاريخ المعروفين، والذي لعب دورا كبيرا في تاريخ الإسلام (التاريخ العربي).
قال الراوي: ما مدى تقبل الناس لمثل هذا الهراء؟ يبدو بعد مسح سريع لتفاعل المتداخلين على الخبر المنشور أن الأغلبية استقبلت الخبر بدرجة كبيرة من التصديق، أو بمعنى أدق أن الأغلبية العظمى كان لها استعداد لتصديق مثل هذا (التحذير)، دون أدنى محاولة لـ(عقلنته) ونفيه والتشكيك في مصداقيته. أسهم في ذلك بالطبع الصورة الذهنية المكونة اعتباطا عن الإثيوبي (الأفريقي) باعتباره كائن (وثني، متوحش، قاتل، غريب)!
قال الراوي: التصريح المزعج، الذي تحول بسبب القدرة الإعلامية الهائلة لوسائل التقنية الحديثة إلى (خبر مأساوي)؛ دفع أحد الإعلاميين الإثيوبيين ممن يقيمون في الخليج إلى نفي التهمة (الخبيثة) عن بني جلدته، وإيضاح ما هو معروف بالضرورة للجميع؛ لولا التغييب المتعمد للوعي الذاتي وإبداله بالتصور (الوهمي)؛ وهو أن الشعب الإثيوبي مثله مثل بقية شعوب الأرض له أعياده التي تقام بشكل طبيعي، وتذبح فيها الذبائح (البهائم) احتفالا، وليس البشر مثلما روج المروجون استنادا على المحامي غير المسؤول.. هل هو فعلا محامٍ للسفارة الإثيوبية في الكويت؟
قال الراوي: الملاحظة الذكية في حديث الإعلامي الإثيوبي تكمن في تذكيره للجميع بأن الإثيوبيين مثلهم مثل غيرهم، لهم أعياد يتم الاحتفاء فيها بالتضحية بالحيوانات وذبحها، وكأنه يذكر هنا بعيد الأضحية الإسلامي، الذي يقترب حتى في اسمه من العيد الإثيوبي (النحر)، وأكيد أن الجذر المشترك للعيدين واحد وهو قصة سيدنا إبراهيم مع ابنه سيدنا إسماعيل – عليهما السلام – والكبش الذي فداه به من الذبح.
ختم الراوي؛ قال: (التصورات) ستار علينا إزاحته لنقترب من الآخر.
استدرك الراوي؛ قال: حتى الجرائم التي تحدث يجب وضعها في سياقها الفردي الاجتماعي وليس تعميمها على شعب بأكمله.
[/JUSTIFY]أساطير صغيرة – صحيفة اليوم التالي