القاهرة: ذكرت تقارير صحفية أن رجل الأعمال المصري وعضو مجلس الشعب وعضو أمانة السياسات بالحزب الوطني الحاكم، هاني سرور قد اختفى في ظروف غامضة هو وشقيقته نيفان في أعقاب الحكم عليهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات وذلك في قضية توريد شركة هايدلينا المملوكة لسرور لأكياس دم ملوثة ومعدات طبية فاسدة لوزارة الصحة.
وحسبما ذكرت صحيفة “الراية” القطرية، تفيد الأنباء بأن سرور وشقيقته هربا إلي إحدي الدول الأوروبية ربما عن طريق البحر وقد تكون سويسرا هي قبلتهما وهذا يتضح جلياً بعد أن توجهت سلطات تنفيذ الأحكام في مصر إلي منزل هاني سرور بمنطقة الدقي لإلقاء القبض عليه لتنفيذ الحكم الصادر بسجنه 3 سنوات أخبرهم حارس العقار أنه لا يوجد أحد في المنزل ولا يعرف إلي أين ذهب هاني سرور؟.
وتوجهت القوة نفسها إلي منزل شقيقة هاني سرور نيفان في منطقة المهندسين والصادر ضدها حكم بالسجن 3 سنوات أيضاً إلا أنها لم تجد أحداً وقال الجيران إنهم لم يشاهدوا نيفان منذ أكثر من 3 أسابيع ما حدا بتعيين حراسة أمنية علي المنزلين واستدلت المباحث الأمنية عن أماكن أخري قد يوجد فيها سرور وشقيقته مثل فيللا لهما في الإسكندرية وأخري في مطروح وثالثة في الساحل الشمالي غير أنه حتي الآن ورغم مرور أكثر من 5 أيام علي الحكم لا يوجد لهما أي أثر.
ويرى العديد من المراقببين إن إختفاء سرور يعيد علامات استفهام من جديد حول العلاقة بين السلطة والمال في مصر وكيف أن ذلك بات سبباً رئيسياً في إفساد حياة المصريين كذلك من يحمي الفاسدين في مصر ومن الذي سهل لهاني سرور وشقيقته الهرب؟، وهل انضما إلي قائمة المصريين الهاربين في الخارج خاصة في فرنسا وبريطانيا وسويسرا ممن صدرت ضدهم أحكام بالسجن في قضايا فساد عديدة وكان آخرهم ممدوح اسماعيل صاحب عبارة الموت التي راح ضحيتها أكثر من ألف مصري ؟ كلها أسئلة لم تجد إجابة شافية حتي هذه اللحظة.
يقول جورج اسحاق المنسق السابق لحركة كفاية : إن اختفاء هاني سرور وشقيقته بعد صدور حكم قضائي ضدهما هو مصيبة دلالتها مزيد من الفساد والرشوة، حيث إن هروب سرور كان من خلال السلطات، وهذا الهروب يكرس ارتكاب جرائم من نصب واحتيال داخل المجتمع المصري لأن الأجيال عرفت أن الفاسد نهايته سعيدة وهي الهرب والعيش في نعيم أوروبا.
وطالب إسحاق أعضاء مجلس الشعب بسرعة التقدم ببيان عاجل لمعرفة مكان هاني سرور وإلي أين هرب وكيف يهرب؟ وعلاقة ذلك بفساد بعض رجال الأعمال في مصر من خلال العلاقة بين السلطة والمال.
ويري د. نبيل فاروق الخبير الأمني أنه ليس من السهل أن يهرب هاني سرور عن طريق الجو فهروبه بالتأكيد كان عن طريق البحر أو البر ثم إن سرور خرج من مصر قبل صدور الحكم عليه لتأمين نفسه ولن يعود إلا اذا توافرت له الضمانات التي تمنع حبسه.
ووصف نبيل فاروق بحث سلطات تنفيذ الأحكام عن هاني سرور في المحافظات بأنه تهريج لأن من المفترض أن لدي السلطات علم بأنه غادر البلاد أم لا؟.
وعما إذا كان سرور قد استقل يختاً هو وشقيقته وفرا خارج البلاد يقول فاروق: حتي الهرب بالياخت أو السفر به يحتاج إلي تصريح وإذا كان ذلك حدث بالفعل يعني أنه حدث من خلال تواطؤ جهات كثيرة مع هاني سرور.
ويؤكد الخبير الأمني أن العلاقة بين السلطة والمال أفرزت عينات فساد أمثال هاني سرور وغيره وسمحت للمحاطين بالشبهات أن يتولوا مناصب تساعدهم علي جمع ثروات طائلة بطرق غير مشروعة ومن تدور عليه الدائرة يهرب خارج البلاد وذلك كله بسبب الفساد.
محامي المتهم ينفي هروبه
في هذه الأثناء، أكد بهاء الدين أبو شقة، محامي هاني سرور، أنه “لا علم له بالمكان الذي يتواجد به موكله، وما إذا كان لا يزال بداخل مصر أو خارجها”، مشيرا إلى أن “كل الاتصالات التي كانت تجري مع هاني سرور في شأن قضيته عقب الحكم جرت عن طريق أسرته وعائلته”، مؤكدا أنه “لم يجر اتصال مباشر بينه وبين سرور منذ صدور حكم إدانته”.
ونقلت صحيفة “الراي” الكويتية عن أبو شقة قوله: “أجريت اتصالات ومقابلات مع سرور أثناء نظر القضية وتداولها أمام المحكمة للتباحث في الجوانب القانونية”، مشيرا إلى أن “تلك الاتصالات تباعدت عقب حجز المحكمة الدعوى للحكم أول مرة في سبتمبر الماضي واقتصرت على عدد من الاتصالات مع زوجته وأفراد أسرته”.
وقال إنه “لا يعتقد أن هاني سرور أو شقيقته العضو المنتدب لشركة هايدلينا نيفان، والصادر بحقها ذات العقوبة المدان بها شقيقها، قد هربا إلى خارج مصر”، لافتا إلى أن “مهمته تقف عند حد القيام بواجب الدفاع وعرض القضية من جميع جوانبها أمام موكله”، تاركا له حرية التصرف واتخاذ الخيار المناسب للتعامل مع القضية، معربا في ذات الوقت عن ثقته في براءة هاني سرور مما هو منسوب إليه من اتهامات.
وأكد ابو شقة أن “الحكم الصادر بحق هاني سرور حكم حضوري بصورة اعتبارية،لأن النيابة أخلت سبيله وبقية المتهمين ولم تحبسهم احتياطيا على ذمة القضية قبل تقديمهم للمحاكمة”.
واشار محامي المتهم إلى أن سرور “حضر كل جلسات المحاكمة وأثبت فيها حضوره من داخل قفص الاتهام، فضلا عن التوكيل بالحضور الذي ترافع بموجبه أمام الجنايات عن سرور، وهذا يكفي لاعتبار الحكم الصادر ضده حضوريا وبالتالي السماح له بخوض جولة قانونية جديدة أمام محكمة النقض والتي تعد أعلى سلطة قضائية في البلاد”.
وقال إنه “في انتظار إيداع محكمة جنايات القاهرة لحيثيات إدانة النائب البرلماني ورفاقه في القضية، لكي يبني عليها طعنه على الحكم أمام محكمة النقض”، معربا عن “يقينه بقيام هاني سرور بتسليم لنفسه صباح الجلسة التي سيتم تحديدها لنظر الطعن بالنقض لتنفيذ الحكم امتثالا لشرط قبول طعنه أمام محكمة النقض التي لا تقبل أي طعون من متهمين هاربين”.
القضية
تعود وقائع القضية إلي أكثر من 29 شهراً مضت حيث اتهم سرور صاحب شركة هايدلينا ومعه شقيقته وبعض العاملين في وزارة الصحة المصرية بتوريد أكياس دم مخالفة للمواصفات بها عيوب فنية تؤدي إلي تلوث الدم وإفساده، وأن شركة هايدلينا قامت بتوريد 132 ألف كيس نقل دم الي وزارة الصحة المصرية وهي غير مطابقة للمواصفات وذلك بمساعدة بعض الموظفين بالوزارة.
وبعد التحقيق تم التأكد من هذه الاتهامات وأحالت النيابة العامة هاني سرور وشقيقته وآخرين من مسؤولي وزارة الصحة إلي محكمة الجنايات في يونيو 2007 وتوجيه لهم تهم الغش في التوريد ومحاولة التربح من خلال أكياس دم فاسدة تودي بحياة المواطنين.
وقد تولت محكمة جنايات القاهرة استكمال التحقيق في وقائع القضية وذلك من قبل المستشار أحمد عزت العشماوي.
غير أن العشماوي قبيل الجلسة الأخيرة للنطق بالحكم في هذه القضية دخل المستشفي إثر حالة اشتباه في تسمم وبعدها فارق الحياة وتولي المستشار مصطفي حسن عبدالله القضية وحكم العام الماضي ببراءة سرور وأعوانه غير أن النائب العام المصري المستشار عبدالمجيد محمود طعن علي حكم البراءة أمام محكمة النقض مؤكداً أن هذا الحكم أثبت أن هناك خطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت في الأوراق وتعسف في الاستنتاج بعد فساده في الاستدلال وتناقضه في أسباب الحكم وعدم صحة إجراءات إصداره.
الحكم
وكانت محكمة جنايات القاهرة قضت في جلستها المنعقدة يوم الخميس قبل الماضي برئاسة المستشار محمدي قنصوة بمعاقبة هاني سرور وثلاثة متهمين آخرين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وذلك في قضية توريد شركة هايدلينا المملوكة لهاني سرور لأكياس دم ملوثة ومعدات طبية فاسدة لوزارة الصحة, كما قضت المحكمة بمعاقبة ثلاثة متهمين آخرين في القضية بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر.
وحسبما ذكرت صحيفة “الشروق” المصرية المستقلة، فقد جاء حكم محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة 4 متهمين بالسجن لمدة 3 سنوات وهم كل من: هاني سرور عضو مجلس الشعب ورئيس مجلس إدارة شركة “هايدلينا” للمستلزمات الطبية، وشقيقته نيفان سرور، مهندسة والعضو المنتدب للشركة، وحلمي صلاح الدين، مدير الإدارة العامة لشئون الدم ومشتقاته بوزارة الصحة، ومحمد وجدان رئيس إدارة التوجيه الفني بالإدارة العامة لشئون الدم ومشتقاته بالوزارة.
كما قضت المحكمة بمعاقبة 3 متهمين آخرين بالحبس لمدة 6 أشهر مع الشغل وهم كل من وفاء عبد الرحيم مديرة مصنع هايدلينا, أشرف اسحق مدير إنتاج المصنع, فتحية أحمد عبد الرحيم مديرة الرقابة على الجودة بالمصنع.
كما قضت المحكمة بتغريم المتهمين السبعة في القضية مبلغ 3 ملايين و695 ألف جنيه مصري، إلى جانب تغريم المتهمين الأربعة المقضي بعقوبة السجن 3 سنوات بحقهم برد مبلغ مماثل لخزانة الدولة.
وقضت المحكمة أيضا بعزل اثنين من المتهمين العاملين بوزارة الصحة من وظائفهما وهما حلمي صلاح الدين ومحمد وجدان، فيما ألزمت المحكمة باقي المتهمين بنشر الحكم على نفقتهم الخاصة في جريدتين واسعتي الانتشار، ومصادرة قرب الدم الملوثة والمستلزمات الطبية الفاسدة.
وتغيب المتهمون جميعا عن حضور الجلسة، فيما حضرها عدد محدود من ذويهم الذين ردد بعضهم سبابا وشتائم خارج قاعة المحكمة التي احتشدت منذ الصباح الباكر بحضور إعلامي كثيف من جانب القنوات الفضائية وكافة وسائل الإعلام.
الاتهامات
نسبت النيابة العامة المصرية إلى المتهمين السبعة في قضية أكياس الدم الملوثة تهم التربح والغش في توريد أكياس الدم الملوثة إلى وزارة الصحة، مشيرة إلى أن اللجان الفنية المختصة أعدت تقريرا كشفت فيه عن وجود عيوب فنية في الأكياس الموردة مما يؤدى إلى تعرض المتبرعين للإغماء لزيادة معدل تدفق الدم عن المعدل الطبيعي وحدوث تجلطات بالدم وتعرض قرب الدم للانفجار أثناء فصل مكونات الدم وزيادة تركيز “الكلوريد” عن الحد المسموح به وزيادة نسبة القلوية الكلية عن المعدل القياسي مما يؤدى إلى تكسير كرات الدم وفقدان الدم لخواصه.
كما أشارت النيابة إلى أن التحقيقات كشفت عن وجود ميكروبات وفطر وعفن داكن داخل قرب الدم وانبعاث رائحة من بعضها مما يؤدى إلى تسلل البكتيريا إلى دماء المريض وإصابته بتسمم بكتيري قد يؤدى للوفاة.
وقالت النيابة، في أمر الإحالة قرار الاتهام، إن العيوب في أكياس الدم جميعها ترجع لعدم مطابقة الخامات المستخدمة للمواصفات القياسية، وسوء التصنيع، وأنها غير صالحة للغرض المعدة من أجله.
وأوضحت أن المتهمين لم يستوردوا خامات الأكياس في وقت سابق لتقديم الشركة عيناتها في المناقصة مما يؤكد أنهم لجأوا إلى الخداع والغش في تقديم عينة ليست من إنتاج الشركة لإتمام إرساء الصفقة عليها دون حق. وأكدت النيابة أن إرساء مناقصة وزارة الصحة في صنف أكياس الدم على شركة “هايدلينا” جاء خلافا للقواعد الصحيحة التي نصت عليها أحكام القانون والمزايدات، وأن الشركة لم تراع الاشتراطات الفنية لإنتاجها قرب الدم قبل عرضها في السوق المحلي.
محيط