قبل أن تتسع خيالات المواطنين ويكملون حلمهم بتحقيق وعد لجنة برلمانية، هي لجنة العمل والإدارة والحسبة والمظالم التي يرأسها النائب الهادي محمد علي، كان قد أعلن عن عزمهم رفع توصية تقضي بمعاملة السلع الغذائية بدرجة صفر في الجمارك والرسوم.. قبل أن يكتمل ذلك الحلم، استيقظ المواطن المستسلم لحاله والصابر صبر أيوب.. استيقظ على صرخة رفض عالية قطع بها المؤتمر الوطني عليه حلمه الجميل وأحبط الأمل فيه وهو يقطع بعدم وجود أي اتجاه لإلغاء الضرائب والجمارك عن السلع المعيشية بسبب ارتفاع الأسعار، واصفاً ذلك بـ”المستحيل”..
ماهو المستحيل..؟ أليس المستحيل في هذه الأيام هو أن يكفي راتب أي موظف تلبية احتياجاته المعيشية لنصف الشهر فقط.. أم أن المستحيل هو إيجاد حلول مثل هذا الحل..؟
ومتى كان رفع الضرائب من المستحيلات..؟ ألا يمكن أن يتم تطويع هذه الاستحالة ولو مؤقتاً مراعاةً للظروف الطاحنة التي تدهس المواطن دهساً وتذيقه ويلات الحيرة والعجز عن تلبية احتياجات الأكل والشرب..
إن منطق الاستحالة في موقف القطاع الاقتصادي للحزب الحاكم هو منطق غريب حقاً، لأنه يتحدث عن أن الضرائب تعود في نهاية الأمر للمواطن، أي تعود أو يعود المتبقي منها بعد أن تكمل جولتها في دورة المالية والميزانية تعود للمواطن، والعودة الميمونة والمقصودة ليست مباشرة طبعاً، لكنها تسمى بهذا الاسم لأن تلك الضرائب تدخل في خزانة المال العام..
لكن حين نتحدث عن رفعها وإزالتها من السلع الغذائية ولو مؤقتاً، فإن النتيجة تكون مباشرة ولجميع المواطنين، لأن الحديث عن سلع غذائية والخطاب مباشر للمعدة وللدم الضعيف الذي يعني المرض والوهن والضعف.
والسلع الغذائية ليست سلعاً مترفة.. لماذا إذن يغلق المؤتمر الوطني هذا الباب ويصف الأمر بأنه مستحيل.. هل الضرائب والجمارك أمر رباني يدفعه المسلم مثل مال الزكاة..؟
لا توجد أية استحالة في هذا الأمر، وليس من المناسب أن يظهر الحزب الحاكم في هذا الملف بمظهر المعرقل والمتمسك بعدم توفير الحلول لو كانت ممكنة ومتاحة.. لأنه حزب سياسي وسيأتي بعد أيام ويقدم نفسه للمواطن طالباً صوته في الانتخابات، فكيف يتوقع أن يتجاوب معه مواطن كان قد تصدى لرفض حلول طارئة فكر البعض في توفيرها وإيجادها لإنقاذ حاله..؟
إن ذلك التوجه الذي أعلنت عنه اللجنة البرلمانية يكاد في تقديري أن يكون أهم شيء حاول البرلمان القيام به لتخفيف الأعباء على المواطنين، لكنه سرعان ما تبدد وضاع هذا الحلم تحت وطأة الكلمة القاطعة الجازمة النهائية كلمة (مستحيل).
شوكة كرامة:
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
[/JUSTIFY]جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي