ما أن فرغ العبدلله من قراءة التصريح الذي ادلى به السيد مصطفي عبدالقادر مدير التعليم بالمرحلة الثانوية في ولاية الخرطوم حت هتف مناديا إبنه ناجي الذي يدرس بالصف الثاني ثانوي (يا ولد هات الحبوب) وبعد ان قام العبد الله بتناول حبوب الضغط والسكري وسيولة الدم ومنع الجلطات واخد ليهو نفس :
– يا ولد إنتا شغال جاسوس إتكلم ؟
(في إندهاش) : جاسوس شنو يا بوي ؟
جاسوس الواحده دي .. نحنا نوديكم تقرو وتتعلمو يدربوكم لينا عشان تبقوا جواسيس
يا بوي أنا ما فاهم ممكن تفهمني الحكاية !
وقام العبدلله بقراءة التصريح الخطير الذي صرح به (المسؤول الفوق ده) والذي يتربع على على أهم وظيفة تعليمية في المرحلة الثانوية الذي يدرس بها (إبنه ناجي) والذي أفاد فيه بانهم يقومون بتجنيد طالبين من كل فصل للعمل كجواسيس لرصد المخالفات والجرائم التي التي يرتكبها زملائهم .
بعد أن قرات على ناجي تصريح (السيد مدير التعليم) رايت علامات الدهشة على وجهه وهو يقول لي :
يابوي لكن مش الإسلام بيقول للناس ما تتجسسوا؟
ما ده المحيرناااا ذاااتو يا إبني ..
لا شك إن نجاح العملية التربوية والتعليمية مرهون بمدى إحساس الهرم التربوي والتعليمي بجسامة المسؤولية الملقاة على عاتقة في تربية وتعليم الأجيال ولكن إن كان هنالك ممن هم في قمة الهرم التربوي من أمثال هذا (الاستاذ) فهل نأمل أن تخرج لنا العملية التربوية غير (جواسيس) يتشربون الخساسة والنذالة وهم في هذه السن الغضة الصغيرة ليرفدوا المجتمع عندما يتخرجوا بكل قبيح من الفعل لا يمكن لشخص سوي القيام به لنتساءل حينها وبراءة الأطفال في أعيننا و (ريالة) البلهاء على أفواهنا ( معقول المسؤول العمل الحاجة دي سوداني) !
نعم (سوداني) وما إفادات (المسؤول الفوق ده) إلا دليلا دامغاً بأن ابناءنا الذين ندفع بهم إلى هذه المدارس التي كنا نظنها لبؤس وفطير تفكيرنا أنها (للتربية والتعليم) ما هي إلا مدارس (للجاسوسية) ونقل (الشمارات) وكتابة التقارير ورفعها للجهات المعنية في خسة ووضاعة !!
يا لتدني التعليم ويا لبؤس التربية .. لقد سكتنا على هذا الحال المايل الذي نراه في كل مقومات العملية التعليمية من مناهج رديئة لا تواكب العصر يشوبها التخبط والأخطاء وفصول آيلة للسقوط
وكراسي وكنب اكل عليها الدهر وشرب ونقص في المعلمين وقصور في الكتاب وندرة في المعامل .. تغاضينا النظر عن كل ذلك ولكننا لن نغض النظر عن هذا التصريح الذي أدلي به السيد مصطفي لأننا لا نريد لأبنائنا أن يطلعوا (مشاطات) يتقنون فنون (الطعن في الظهر) ونقل الأخبار عمن يحسبون انهم زملاء ورفقاء وما هم كذلك .. بربكم أي تربية هذه التي تنتهجها إدارة التعليم الثانوي بولاية الخرطوم والتي لا يخجل مديرها برفد الصحف بهذا الكلام الذي من شانه نزع وزعزعة الطمأنينة والامن من نفوس هؤلاء الصغار؟ أي عقلية (قذرة) هذه التي فكرت في ان تصنع من بعض هؤلاء الصغار أشخاص ذوي نفوس مريضة تعمل على تقويض المجتمع وهي تنتج له ألاف الجواسيس الذين ربما يكون من مهامهم أيضاً مراقبة (الأسر) وكتابه تقارير عنها .
بعد أن نفيق من هذه صدمة هذا التصريح المخجل هنالك بعض الاسئلة التي تفرض نفسها :
كيف يتم إختيار وتجنيد هؤلاء الطلاب للعمل كجواسيس على إخوانهم ؟
هل تقتصر القصة على مدارس الأولاد وللا البنات برضو دخلتوهم عالم التجسس؟
هل يخضعون إلى عملية تدريب ؟
ما هي الحوافز والمرتبات والمخصصات التي تمنح لهم؟
هل يقتصر دورهم على التجسس على زملائهم الطلاب أم يتعداه إلى الأساتذة والمدراء واسر اصدقائهم وزملائهم ؟
أين تذهب هذه التقارير وما هي الجهة التي تقوم بتحليل المعلومات التي ترد فيها وفيم يستفاد منهاا ؟
كان العبد لله يود أن يختتم مقاله هذا بشكوي ومناشدة وشنو ما عارف .. لكن نشكي لمنووو ونناشد منووو؟ الشكية لغير الله مذله .. لو أن هذا حدث في أكثر البلاد كفراً وإلحاداً لقامت الدنيا ولم تقعد ولتمت محاكمة (المسؤول الفوق ده) على ما قاله من تصريح يقوض العملية التعليمية ويهدد الأمن والسلام المدرسي لكن شوفوهو بعد يومين تلاته أكان ما إترقي لوموني !!
[/JUSTIFY]
الفاتح جبرا
ساخر سبيل
[email]gabra-media@hotmail.com[/email]