*في معرضٍ فخيم بعاصمة دولة عربية تعرض كاتب هذه السطور لموقف يصلح أن يكون مدخلاً لكلمتنا هذه ..
*فخلال التدافع فوجئ صاحب هذه الزاوية بامرأة (تزاحم ركنه بركنها) – على قول الشاعر العربي – ثم تلتفت إليه معتذرةً وهي تبتسم (لا تفهمني خطأ)..
*ولم يدر صاحب هذا القلم – إلى يومنا هذا – كيف (يفهمها صاح) ؟ ..
*ولكن من المؤكد – بالنسبة له – أن المرأة لم تقصد ما قد يخطر على البال من (ظاهر) تلكم الحادثة وإلا لما كان الاعتذار ..
*أو لكان الاعتذار لا معنى له إن كانت الحادثة مقصودة..
*وما يعضد الظن هذا – لدى كاتب هذه الأسطر – عاملان اثنان :
*أن المرأة يكسوها سواد لا يُظهر منها سوى عينين واسعتين أولاً..
*وأن الرجال البِيض هناك – وليسوا السُمر – (على قفا من يشيل) من النساء ثانياً..
*وكلمتنا التي اخترنا لها المدخل المذكور هي عن حالاتٍ يفهمها بعض السودانيين (خطأ)..
*حالات دافعها (حساسية مفرطة) إزاء مواقف عربية – فردية كانت أو رسمية – تجاهنا..
*فما زلت عاجزاً إلى اليوم – على سبيل المثال – عن ادراك سبب غضب الكثيرين منا عند التناول الكوميدي لبعض عاداتنا في (طاش ما طاش)..
*فالمسلسل السعودي هذا قائمةٌ فكرته على تسليط الضوء على سلبيات عربية في اسلوب درامي ظاهره التبسم وباطنه التألم ..
*وحتى السعودية ذاتها لم تسلم من (سياط) المسلسل الشهير هذا..
*وأحد أشهر عاداتنا السيئة التي ركز عليها المسلسل كثرة التنظير والكلام والتفلسف في ما (يسوى) وما لا (يسوى)..
*أي تنظيرٌ في حفر مقبرةٍ – مثلاً – لا يقل عن ذاك الذي تُبدد لأجله الساعات الطوال داخل (القاعات)..
*هو شيء مثل الذي (اُستهلك) في ما يُسمى (الحوار الوطني) – من كلام – دون أن يرى الناس أثراً له على أرض الواقع..
*وأعجبني مرةً تعليق لأحد الظرفاء قال فيه أن النشاط الوحيد الذي نعرفه لـ(نشطاء) المجتمع المدني هو ما يُمارس أمام ستات الشاي من (نشاط)..
*فعلينا أن نتخلص – إذاً – من سخف التنظير الكثير غير ذي المردود بدلاً من أن نكون (حساسين) تجاه نقد العرب لنا في الجانب هذا..
*وإبان زيارة (إعلامية) لنا إلى الكويت حدث شيء من الذي يستدعي عبارة (لا تفهمني خطأ) هذه..
*فقد أولمت وزارة الإعلام هناك – يوماً – وليمة (بحرية) للوفود العربية كافة ..
*وفوجئنا بمطعم سياحي فاخر قائم عند نهاية لسان (يمده) الساحل أمتاراً داخل المياه
*وبعد قليل احتج البعض منا على تخصيص (أقصى) المائدة الطويلة لوفدنا وظهرت على وجوههم أمارات (التحسس)..
*ثم سرعان ما حلت علامات الرضا محل (التحسس) حين علمنا – من مرافقنا – أن المكان الذي ظنناه (أقصى) هذا هو بتوصية (عليا)..
*فقد كان هو (الأدنى) – كما لاحظنا بعد ذلك – وليس (الأقصى)..
*الأدنى من الزجاج المطل على مياه الخليج بما أنه مطعم (بحري)..
*أي إنه يستمد بعض جوانب تميزه من كونه (فوق) البحر..
*وكفانا المرافق سماع عبارة (لا تفهمونا خطأ !!).
بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الأهرام اليوم