خلال الخمسين سنة الماضية ظهرت في هذا الكون ظواهر مدهشة وأخرى غريبة وأمراض عجيبة غريبة بعضها كان غير مؤذ وبعضها كان فاحشا في الإيذاء، فمن موضة الهيبيز أواخر ستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي إلى الشارليستون والسبايكي مرورا بالمحزّق والملزق وصولا إلى مانحن عليه الآن …
هذا في الموضة، أما في الأمراض فسمعنا لأول مرة بـ«نقص المناعة» و«جنون البقر» و«أنفلونزا» الخنازير والطيور والجمال، و«إيبولا»، وكلها تظهر وتختفي دون أن نعرف كيف ظهرت ولماذا اختفت.. والبعض من عشاق نظريات المؤامرات يقولون إنها وليدة مختبرات وكالة المخابرات العالمية وعلى رأسها «سي آي إي» … وبعضها فعلا اختفى والبعض الآخر يأبى الاختفاء أو الانتهاء حتى بات مثل الوباء.
وعلى صعيد السياسة، ظهر تشي غيفارا وكاسترو ومنظمة التحرير الفلسطينية وفتح وحماس والألوية الحمراء وبدر ماينهوف وكارلوس وأبو نضال والسلطة الوطنية واتفاقات أوسلو بعد اتفاقات كامب ديفيد. ومات زعماء وسقط زعماء بفعل «الربيع العربي» الذي وصفه بعض كبار الساسة والمثقفين بأنه خريف وليس ربيعا بل هو شتاء قاس مُكفهر زمهريري الملامح أنتج بشكل مباشر أو غير مباشر ظواهر خطرة ليس على المنطقة بل على العالم كله ومنها النصرة وداعش …
وعلى صعيد العلم، وصل الإنسان للقمر ومن بعده المريخ وظهرت الأتاري والكارتريدج والكاسيت والسي دي والدي في دي والفلاش ميموري والآي بود والآيباد والبلي ستيشن والإكس بوكس وشيء يُدعى وي والساتلايت الذي فتح العالم على بعضه بعضاً بعد أن كنا مجبورين على متابعة قنواتنا أو قناتنا الحكومية الوحيدة التي «يَصفُنُ» المسؤولون عنها ويحكون رؤوسهم قبل أن يعرضوا الأخبار المحلية والعربية والعالمية في ترتيب غريب عجيب إذ يجب أن نبدأ بـ «استقبل» و«ودع» حتى لو دخلت أميركا العراق …
ومع اختراع الإنترنت وأجهزة التلفونات المحمولة تغير وجه العالم وظهرت وسائل التواصل الاجتماعي من إيميل مرورا بالمسنجر وصولا للرسائل التي أجهزت على حميمية الزيارات العائلية وحتى الواجبات الاجتماعية وصرنا نهنئ ونعزي بالمسجات وظهر «واتس آب» و«فيس بوك» وكيك واخوه كِك و«فايبر» و«بي بي إم» و«تويتر» و«إنستغرام».. وعشرات من وسائل التواصل التي أظهرت حجم الفحش والبذاءة التي يمكن للبعض أن يتصورها من خلال التعليقات التي نقرأها على تويتر وإنستغرام، وأكدت أن «داعش» أخو فاحش من أمها وأبيها فهما من نفس البيئة ونفس الجنس وإن كانا عكس عكاس لبعضهما ولكن كما يقولون الزائد أخو الناقص والتطرف هو من أوصلنا بكل تأكيد لـ «داعش» و«فاحش» على حد سواء.
وأقسم إنني أشعر بالغثيان أحيانا كثيرة وأنا أقرأ تعليقات لمن نعتبرهم أمل الأمة ومستقبلها عبر تويتر وفيس بوك وإنستغرام وأظهرت هذه التعليقات كم نحن بعيدون سنوات ضوئية عن شيء ننادي به ليل نهار ونعرفه بالاسم فقط ويُدعى «ديمقراطية».
[/JUSTIFY]