المدرسة فتحت .. فا تا حت !

[ALIGN=CENTER]المدرسة فتحت .. فا تا حت ! [/ALIGN] – إستيقاظ العيال مبكرين في نشاط رغم معاناتي في إيقاظهم يوميا طوال أيام الإجازة، ذكّرني بحالة نفسياتنا زمان مع بداية كل عام دراسي جديد، فقد كنا نكاد لا ننام الليل فرحا وترقبا للعودة إلى المدرسة بعد شهور الإجازة الطويلة، فكنّا لشدة (الشفقة) نقوم بوضع ملابس المدرسة الجديدة في شمّاعة ونعلّقها على حبل الغسيل المار بوسط الحوش فوق رؤوسنا مباشرة، حتى نقوم بلبسها في الصباح بالسرعة القصوى والإنطلاق للمدرسة – وأخير أنحنا فقد كان أحد أولاد الجيران يقوم بلبس هدوم المدرسة ليلا ويضع حذائه الجديد تحت السرير ليقوم بـ (حشر) قدميه فيه صباحا ويبادر بالإنطلاق !! غايتو الحمد لله الما كان في حرامي بجي طايف بالحلة ليلة (وقفة المدرسة) أكان خلى خشومنا ملح ملح !
– بدأ العام الدراسي الجديد في الوقت المناسب تماما، قبل أن تنقلع صمغة دماغنا ونشق هدومنا (طفشانا) من دوشة العيال .. ولكن يبدو أن هذا التوقيت لم يكن مناسبا (البتّة) لبعض المدارس والمدرّسين ولا نقول ناس وزارة التعليم .. عاد بنقدر؟
فبعد أقل من ساعة من مغادرة العيال للمدرسة بصحبة والدهم، اتصلت بي ابنتي وطلبت مني أن أحضر لإعادتهم للبيت لعدم انتظام الدراسة بسبب انتقال المدرسة لمبانيها الجديدة وبالتالي عدم وجود ترحيل ..
– كالعادة (شاققت) بين الدروب الجانبية إختصارا للمسافة، ولمحاولة إصطياد (رقشة) فالمباني الجديدة أبعد من طاقتي الرياضية على (الكدنكلا) ولكن لسوء حظي كانت الدروب خالية من ريحة الرقشة التقول تراني، فتوكلت على الله وواصلت (الكُدُر)، وعندما مررت بالقرب من مدرسة الحي الحكومية فوجئت بخروج الطالبات منها في هذا الوقت المبكر .. سارت بمحازاتي ثلاثة صغيرات فحييتهن وسألتهن:
مالكم طلقوقكم البيوت بدري ؟
فأجابتني كبراهن:
مافي أي حاجة .. الكتب لسه ما جابوها قاموا قالوا لينا ارجعوا بيوتكم !
تسامرت معهن شمارا وتقصيرا للمسافات فسألتهن عن فصولهن الدراسية .. أخبرتني الصغرى وهي ودودة ومبادرة للكلام بأنها في الصف الرابع بينما الكبيرتين في السابع .. سألتهن:
الفصل بيكون فيهو كم بت ؟
فأجابت الصغيرة بسرعة:
نحنا فصلنا فيهو كم وتمانين بت !!
وعندما سمعت مني حوقلة إستغراب واصلت الشكوى:
والله ندّافس في الكنبة جنس دفسة .. إيييك .. محشورين كده
ثم خبطت بيدها اليمنى على اليسرى وهي مضمومة كناية عن (الكترة) !
– أخيرا وصلت للمدرسة قاطعة صوت وصورة ولكن فرحة العيال بملاقاتي أنستني قطعة النفس .. سحبت كرسيا وجلست في الصالة إنتظارا لتكملة العيال لإستلام الكتب، تأملت مباني المدرسة الجميلة وفصولها الواسعة طيبة التهوية، فهززت رأسي ألما عندما تذكرت حركة الصغيرة بيدها وهي تصف دفسات الكنب والفصول وتشكوا من الكتب اللسه ما جابوها، وسرحت مع أحلام وردية تخيلت فيها مدارس حكومية بـ (المجان) لا يدفع فيها ولي أمر الطالب دم قلبو، ورغم ذلك تتميز بالجمال والنظافة وبفصول لا يتجاوز عدد طلابها الثلاثين و … يحظى كل طالب فيها بكتاب لا يتشاركه مع أحد .. بالمناسبة، كنا في الإبتدائي زمان أيضا نتشارك في الكتب، بل كانت حصة الفصل من بعض الكتب أربعة أو خمسة كتب نتخمّسها كل كنبتين .. ومازلت أذكر أن عدد الطالبات في فصلي ونحن في الصف السادس كان ستة وتسعين طالبة ! يعني الحكاية دي ما جديدة ومافي داعي نشيل حس الناس ديل هسي بس ندعو ربنا يصلح الحال!!
أعادني من دنيا الأحلام صوت سنين لـ (أم) مجموعة من الصغار مرت من أمامي وهي تكشهم أمامها وتصيح عليهم في زهج:
ما تسألوني من بابا .. بابا ما جا معانا ..هداك في شغلو .. هو من بتين قاعد يتعب روحو وللا يجي معاكم ؟!!
إلتفتت إلي عندما وجدتني أبتسم في وجهها مصدقة لكلامها، ودخلت فيني شمال كأنها تعرفني منذ الأزل:
عليك الله شوفي جنس الحالة دي ؟ نحنا نشقى ونقع علي وشنا مع الشفع، وهم ما عندهم غير كلمة بابا .. كلو شوية يسألوا منو !!
هزت رأسها في غيظ ثم أضافت:
غايتو نقول البركة في أولادنا الجبناهم ديل .. لكن الرجال ما فيهم فايدة !
تلفت حولي فوجدت أن هناك كمية كبيرة من الأمهات يسعين بين الفصول لإستلام الكتب والزي مع ابنائهن، بينما لم تلمح عيني غير بعض الشوارب الحايمة وكم دقن، كانوا يتنقلوا أيضا بين الفصول مع ابنائهم، ولكن الفرق كان في إهتمام الأساتذة بهم ومباراتهم من مكان للآخر دونا عن الأمهات، من ما أعاد (حليمة) لنقّتها القديمة عن الجندرة فسألت نفسي .. إشمعنا مش كلنا أولياء أمور طلبة ؟!

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

Exit mobile version