سار البرنامج بصورة عادية إلى أن استقبل مكالمة من مغترب في السعودية تحدث بإستهجان عن اهتمام مقدمة البرنامج وضيفتها بأمور التجميل، في الوقت الذي يموت الناس فيه بسبب شح المياه والصراعات الدامية وغيرها من الأمور العظام !!
دافعت مقدمة البرنامج بأنهم حريصون على متابعة هموم المواطنين في كل مكان وسبق للبرنامج أن تابع مشاكل المياه وتدني الخدمات الصحية وتدهور التعليم وو .. وللحقيقة، لا أنصب نفسي مدافعة عن هذا البرنامج، ولكن الشهادة لله فقد تابعت فيه (زرّات حارة) لمسئولين في مواقع صنع القرار، حول مشاكل جادة وعميقة حتى لتحسب المسئول فيهم يبكت نفسه بـ (أنا الجابني هنا شنو يا الله ؟)
كذلك لا يمكن أعتبار أن برامج التوعية في هذا الجانب نوع من (الهيافة)، لأننا وبمجرد نظرة واحدة لـ الشارع العام نلاحظ مدى انبهال بنات حواء في التعاطي العشوائي مع الكريمات في سبيل تبيض صحائف الوجوه، و(البرِط) و(التظليط) و(التظليل) و(الفانتا) التي تعاني منها وشوش المشيّبات والشابات، بسبب مركبات الكورتيزون والزئبق السامة وأدوية الأكزيما والذي يؤدي استعمالها بكثرة وبدون ارشاد الطبيب إلى الإصابة بسرطان الجلد والكثير من التشوهات الـ (شايفنها قدامنا شوف العين ) !!
مداخلة ذلك المغترب ترجعنا لملاحظتين (سُخنات) شديد حول بعض المستجدات على طباعنا السودانية السمحة ..
الأولى هي محاولات (بعض) سودانيين الداخل والخارج التستر وراء أسماء وإلقاب وهمية وإستغلال الفضاءات الإسفيرية وفرص المكالمات المباشرة على الهواء التي تتيحها الفضائيات، ، للإساءة والتجريح وإحراج الناس، خاصة طريقة الجدل السياسي على منتديات المواقع السودانية في الشبكة .. شتائم مقزعة، إسفاف، وتدني في لغة الحوار ومحاولات إقصاء للرأي الآخر وتحقيره بصورة لا تشبه السودان ولا السودانيين.
أما الملاحظة الثانية فترجعنا لفرضية إستخفاف الرجل السوداني بالنساء وتسفيهه لآرائهن، فمكالمة المغترب توحي بأنه أراد أن يقول:
(الناس في شنو والنسوان في شنو) ؟!!
فمن ضمن الكثير من المساهمات الرجالية الإسفيرية إستوقفتني قصة طالعتها في أحد منتديات النيلين تحمل في طياتها الأستخفاف بشورة البصيرة أم حمد .. تقول القصة:
أن أحـد المـلـوك يحب أكل السمك، فجاءه يوما صياد ومعه سمكه كبيرة، أهداها له فأعجبته وأمر له بأربعة آلاف درهم مكافأة، فقالت له زوجته: (بئس ما صنعت .. لأنك إذا أعطيت بعد هذا لأحد من حشمك هذا القدر لظن أنك أعطيته مثل عطية الصياد ) فقال الملك: (لقد صدقت، ولكن يقبح بالملوك أن يرجعوا في هباتهم)
فقالت له زوجته: (أنا أدبر هذا الحال .. أدعو الصياد وأسأله عن السمكه وهل هي ذكر أم أنثى؟ فإن قال ذكر، فقل إنما طلبت أنثى، وإن قال انثى قل إنما طلبت ذكرا)، فنودي على الصياد فعاد وكان الصياد ذا ذكاء وفطنة، فقال له الملك: (هذه السمكة ذكر أم انثى) ؟ فقال الصياد: (هذه خنثى ، لا ذكر ولا أنثى) فضحك الملك من كلامه وأمر له بأربعة آلاف درهم، فمضى الصياد إلى الخازن وقبض منه ثمانية آلاف درهم وضعها في جراب كان معه، ثم حملها على عنقه وهم بالخروج، فوقع من الجراب درهم واحد، فوضع الصياد الجراب عن كاهله، وانحنى على الدرهم فأخذه، والملك وزوجته ينظران اليه، فقالت زوجة الملك) أرأيت خسة هذا الرجل وسفالته .. سقط منه درهم واحد فألقى عن كاهله ثمانية آلاف درهم وانحنى على الدرهم فأخذه ولم يهن عليه أن يتركه ليأخذه غلام من غلمان الملك) !!
فغضب الملك منه وقال لزوجته صدقت، ثم أمر بإعادة الصياد وقال له: (يا ساقط الهمة وضعت هذا المال عن عنقك لأجل درهم واحد ، وأسفت ان تتركه في مكانه ؟)
فقال الصياد) : أطال الله بقاءك أيها الملك ، إنني لم أرفع هذا الدرهم لخطره عندي ، وإنما رفعته عن الأرض، لأن على وجهه صورة الملك وإسمه، فخشيت أن يأتي غيري ويضع عليه قدميه، فيكون ذلك استخفافا باسم الملك ، وأكون أنا المؤاخذ بهذا)
فعجب الملك من كلامه واستحسن ما ذكره وأمر له بأربعة آلاف درهم فعـاد الصياد ومعه اثنا عشر ألف درهم، فأمر الملك مناديا ينادي لا يتدبر أحد برأي النساء، فإنه من تدبر برأيهن فسوف يخسر ثلاثة أضعاف دراهمه !! انتهت
* الغريبة أن الكثير من التعقيبات الرجالية كانت (تعوم) على عوم من أورد القصة، فقد تباراى المشاركين في التأكيد على قلّة فهم النسوان، مع أن القصة تدور حول بخل تلك المرأة وإستخسارها المال على الصياد المسكين، كما توحي القصة بـ (إضينية) جلالة الملك البسمع كلام مرتو لا علاقة لها بفهم النسوان من قريب ولا بعيد !!
هوي يا رجال .. مافي شيء مسقّط حجرنا وراجع بينا لي ورا غير جنس البتسوا فيهو ده .. أخير ليكم انقرعوا !!
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com