يتغيبون عن الدراسة بدون علم ذويهم

طلاب الأساس…هروب من أجل العمل
غالبية بائعي الصحف وماسحي الأحذية من طلاب المدارس

معلم: الظروف الاقتصادية للأسر السبب الرئيسي للظاهرة

اختصاصية : هنالك آثار اجتماعية خطيرة لعمالة الأطفال

التعليم قيمه اجتماعية وإنسانية في حياة كل فرد وأي مجتمع… وبالتعليم والعلم تنهض الأمم والمجتمعات ويعلو شأنها كما قال الشاعر :(العلم ياقوم في الآفاق منزلة وناهل العلم قبطان وربان… فعلموا النشء علم يستبينوا به سبل الحياة وقبل العلم أخلاقا) أما الآن فان هذه القيمة العالية للعلم والتعليم بدأت تندثر شيئًا فشيئا نتيجة استهتار وعدم وعي بعض طلاب المرحلة الابتدائية صغار السن وغيابهم عن مدارسهم وتعليمهم وغياب الرقابه سواء من الأسر أو من بعض المدارس..المدرسة أصبحت مجرد هاجس بالنسبة لهؤلاء الطلاب… فطلاب المدارس هذه الايام بدؤوا يسلكون سلوكا سيئا وعادات غريبة ودخيلة على مجتمعنا السوداني الذي يقدس العلم والمعرفة…عن ملابسات غياب التلاميذ عن مدارسهم سألنا بعض ذوي الشأن لمعرفه رأيهم ووجهة نظرهم تجاه الموضوع فكانت آراؤهم كالتالي:

مدير مدرسة: الغياب يكون لأسباب واهية وغير منطقية

أم : ظننت ابني في المدرسة وهو جرسون فى مطعم

ماسحون للأحذية

م ح ر( مدير مدرسة أساس) فضل حجب اسمه سألناه هل هناك نسبه غياب لدي الطلاب؟ وكم تبلغ؟ اجاب ان هنالك نسبة غياب كبيره خاصة في الصف الخامس والسادس والسابع دون تقديم مبررات عن هذا الغياب واشار الى استغلال بعض الطلاب لنظرائهم بتلقينهم مبررات عن غيابهم اثناء اليوم الدراسي… وايضا بعض الاساتذه ومديري المدارس الأخرى يشتكون من غياب عدد كبير من الطلاب اثناء الدوام وعند ارسال خطابات لاولياء الامور لابلاغهم بالامر فان هؤلاء الطلاب لايوصلون هذه الخطابات لاهلهم… وحتي اجتماعات اولياء الامور لا يحرص الآباء على حضورها الا القليل منهم … كل هذا يجعل من الصعب السيطره على هؤلاء الطلاب من داخل المدرسة.. فبينما يظن الاهل ان اطفالهم في المدرسة يكونوا فى هذه الاثناء في احد الاسواق يعملون فى بيع الصحف او ماسحين للأحذية.

يخدعون أسرهم.

عمر احمد (أستاذ بمدرسة) سألناه هل يعلم أولياء الأمور بغياب أبنائهم فأجاب «هؤلاء الطلاب يخدعون اسرهم بأنهم ذاهبون الى المدرسة ولكنهم يتجهون الى الاسواق ..فتتخيل الاسر ان ابناءها جلوسا فى فصول الدراسة وهو المكان الطبيعى لهم ولكنهم يتواجدون فى الاسواق بحثا عن الرزق..وانا اعتقد ان الظروف الاقتصادية الصعبة لاسرهم هى الى تدفعهم الى ذلك… كما ان الاسر لاتراقب أبناءها ولا يسألونهم ماذا درستم اليوم… وحتى المذاكرة لهؤلاء الأطفال لم تجد لها مكانا بين زحمة المنزل … وفي الغالب الاعم معظم هؤلا الطلاب يذهبون الى الأسواق للعمل بها وهم يلبسون لبس الزي المدرسي .. انهم اطفال صغار في السن ولايدركون حقيقة ما يفعلون ..وهذا حتما يكون واجبنا نحن الكبار فى السن ونفهم معنى ان يترك الطفل المدرسة ويعمل بالأسواق دون علم ذويه.. حقيقة هذه كارثة وضياع لمستقبله.. بالاضافة الى ان ارتياد الطفل للاسواق في هذه السن المبكرة يجعله ذا شخصية يفتقد للسلوك القويم السوي.

جرسون في مطعم

فاطمة محجوب والدة طالب- قالت ان لديها تجربة مريرة في هذا الشأن لترك ابنها الدراسة فجأة وهي لا تعلم بذلك… ولكن بعض زملائه ابلغونى ان ابني غائب عن المدرسه حوالي 6 ايام لم يات الى المدرسة… توجهنا الى ادارة المدرسة وابلغناها بان ابنى يدعى الذهاب الى المدرسة ويقول زملاؤه انه لا ياتى اليها ..وبعد ان حققت المدرسة فى الامر اكتشفت ان ابنى مع زملاء له يعملون عمال تحت الطلب او تحت الخدمة اي انهم يعملون كجرسونات في المطاعم او كغاسلي صحون لدي ستات الاكل وستات الشاي او يعملون بتاعين ورنيش وهذا كله مقابل مبلغ بسيط وزهيد جنيه او ربما جنيهيين واحيانا يعملون بلقمتهم اي العمل مقابل الطعام ،وفي الغالب الاعم معظم هؤلا الطلاب يذهبون الى تلك الأماكن التي ذكرتها للعمل بها وهم يلبسون لبس الزي المدرسي ..وانا استغرب كيف يسمح ارباب العمل ان يستخدموا اطفال يلبسون الزى المدرسى فى اعمال كهذه؟ اليس فى قلوبهم رحمة لهؤلاء الاطفال الصغار!

الظروف صعبة

ص غ صاحب مطعم سألناه هل يأتي طلاب المدارس او بعض الاطفال للعمل معكم في المطعم؟ اجاب نعم يأتينا أطفال وطلاب مدارس واحيانا يشتكون من ظروفهم الاجتماعية بانها صعبة ..وبانهم يفتقدون عائلهم الوحيد…وغير ذلك من الاسباب ..ولكن عموما نحن لانشغل اي طالب مباشرة الا اذا اتي به اهله وخاصه في فترة الاجازات…لان الطلاب في هذا الوقت يكونوا متوقفين عن الدراسة؟؟ وعن تشغيل البعض للطلبة بزيهم الدراسى يواصل صاحب المطعم حديثه بقوله « اي طالب يأتى الينا بالزى المدرسي لانشغله حتى وان كنا في حاجة ماسة الى عمال لاننا اباء ولدينا قلوب بها رحمة ..ولكن البعض قاسى القلوب دوما ما يفعلون ذلك»

بعد اليوم الدراسي

س ن ع-(بائعة شاي) قالت انتم لا تعرفون الظروف الصعبة التى نعيشها ..هى التى تجبر اي شخص ليفعل اشياء خارج المنطق الطبيعى وهى تشغيل الاطفال فى اعمال من اجل لقمة العيش ..فى هذا الزمن الصعب اصبح الاطفال يقدرون المسؤولية احيانا اكثر من الكبار..صحيح انهم فى سبيل توفير لقمة العيش لاسرهم قد يفقدون مستقبلهم الدراسى ولكن ماذا نفعل لكى نتغلب عن الحاجة والعوز»وعن سؤالنا لها يمكن ان تتركي طالب يعمل معك دون علم اهله؟ قالت نعم ولكن بعد اليوم الدراسي واضافت ان هناك اصحاب مطاعم وستات شاي يتركوا هؤلاء الاطفال يعملون معهم لايهمهم ان كانو يدرسوا او لا » .

آثار سالبة

وعن الآثار الاجتماعية لعمل الاطفال تقول الاخصائية الاجتماعية امل محمد احمد» قدرت منظمة العمل الدولية ,بان حوالي مائتين وخمسين مليون طفل بين سن الخامسة والرابعة عشرة يعملون في الدول النامية وحدها وان حوالي 50% منهم او مايقدر ب120مليون يعملون كل الوقت في حين يدمج العدد الباقي مابين العمل والدراسة ,ويعمل في بعض الحالات70% تقريبا من الاطفال في اعمال خطرة وهناك من بين العدد الكلي حوالي من50 الى 60 مليون طفل بين سن الخامسة والحادية عشرة ممن يعملون في ظروف يمكن اعتبارها خطيرة نظرا لصغر سنهم وهشاشة قدراتهم..لذلك فان عمل الاطفال يمثل مشكلة ملحة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والسايكولوجية فضلا عن حقوق الانسان وحقوقهم كأطفال محرومين من التعليم المناسب والصحة الجيدة والحريات الاساسية وعرضة للاساءة والعنف البدني والاستغلال الجنسي وفضلا عن آثاره السلبية على الصحة النفسية والبدنية للاطفال وحرمانهم من التعليم يؤثر على المجتمع ككل لانه يهدد خطط التنمية البشرية فهو يؤدي الى ارتفاع نسبة الامية واهدار الطاقات المستقبلة للمجتمع ككل «

إعاقة للنمو

وعن النتائج السالبة لعمل الاطفال وغيابهم عن الدراسة تواصل الاخصائية امل محمد احمد حديثها قائلة «العمل الذي يؤديه الطفل دون الحد الادنى للسن يمكن ان يعوق نمو الطفل النفسي والبدني والتعليمي وأسوأ أشكال عمل الأطفال لسداد ديون الاسرة فالاطفال يختلفون من الناحية البيولوجية عن البالغين في سماتهم الفسيولوجية والنفسية والجسدية مما يجعلهم اكثر عرضة للمخاطر المهنية حيث تتمثل المخاطر الميكانيكية في التعامل غير الواعي مع الآلات مع عدم وجود وسائل واقية حيث يتعامل الاطفال في الورش الصغيرة مع آلات غير محمية سيئة الصيانة وادوات يدوية حادة وثقيلة وغير مناسبة وهذا يؤثر على نموهم الصحي والبدني والعقلي فضلا عن استمرارهم في العمل اثناء المرض وعدم تلقيهم العلاج المناسب وعن المخاطر النفسية تقول المتخصصة امل محمد احمد» هناك آثار نفسية تظهر بوضوح بين الاطفال العاملين في أعمال خطرة أكثر ممن يعملون في اعمال خفيفة حيث يصبحون أكثر عدوانية كما ان الايذاء البدني والنفسي يترتب عليه سوء التوافق النفسي والمهني كذلك تقل درجة توافقهم الاجتماعي الشخصي بالمقارنة مع غير العاملين وتؤدي جميع الامور السابقة على عدم توافق اجتماعي نتيجة شعورهم بالقهر الاجتماعي الواقع عليهم وانعدام إحساسهم بالعدالة الاجتماعية, بينهم وبين الاطفال المماثلين لهم بالعمر من غير العاملين.

من المحرر

لابد من تضافر الجهود بين الاهل والمدارس والمتابعة الشديدة حتى تكون الصلة أقوى لمعرفة مكمن التقصير..وعلى ارباب العمل ان يستشعروا المسؤولية بان يرفضوا اقحام الاطفال فى اعمالهم … فنحن شعب نحب العلم وندرك اهمية التعليم والعلم هو اسهل الطرق للضمان المسقبل لابنائنا ولوطننا..

شهرذاد عباس :اخر لحظة

Exit mobile version