علق الرجل بصوت حزين ومشروخ كأنه صادر عن قاع حنجرة محتقنة بالغضب، علّق (والله مسخرة)، وهو يقرأ الخبر المبذول في الصحف عن أن محكمة جنايات القضارف قضت بتغريم (وزير سابق) مبلغ (2000) جنيه، وسجنه (6) أشهر حال عجزه عن الدفع (ودا مستحيل طبعاً).
تعود تفاصيل القضية بحسب الزميلة (حكايات) وصحف أخرى، إلى أن الاتحاد الوطني للشباب السوداني التابع للحزب الحاكم، كان أصدر بياناً انتقد فيه سياسة الوزير، فاعتقد (الوزير) أن أحد أعضاء الاتحاد (الشاكي المُساء إليه نصياً)، وراء هذا البيان القادح والمُتقد لأدائه أثناء توليه (الوزارة)، فبعث له رسالة شاتمة مقذعة وعنصرية، من شريحة (أخرى) وظن (الوزير) الهمام الشتّام أن الأمر سيمر مرور الكرام، وأن لا أحد سيكشف عن فاعله، فانكشف، وأن لا أحد سيعرف عنه شيئاً فعرف الناس كلهم، بعد أن اعترف.
قال الرجل معلقاً: ما الذي دهى المسؤولين في ولاية القضارف المنكوبة (بهم)، فيطعن أحدهم (مدير تنفيذي بمحلية جنوب القضارف) موظفاً في جهاز رقابة العربات الحكومية، وتشتم (شريحة) كانت مركبة في هاتف وزير (سابق) زميله في الحزب وأخيه (في الله) وفي التنظيم، بألفاظ مشينة ونابية وعنصرية؟
لديَّ إجابات كثيرة عن أسئتلك أيها الرجل، لكن دعني أختزلها في واحدة جامعة مانعة لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، إنها سياسة (التمكين)، التي جاءت بكثيرين غير مؤهلين أكاديمياً وأخلاقياً لتولي مناصب تتطلب حداً أدنى منها. فاعتبروا أنفسهم، ليسوا أوصياء على المواطن فحسب بل سادته، فعتوا عتواً كبيراً، واستكبروا استكبارا، وظنوا أنهم فوق النقد والمحاسبة وفوق المواطن والوطن، وأنه لا ينبغي على أحد أن يقعقع لهم بالشنان ويغمز لهم كتغماز التين، وهم أبناء (جلا)، وطلاّعي (الثنايا)، بعمائمهم المعصوبة بعناية على رؤوسهم (الخاوية) يعرفون. وأنهم كمتمكنين في هذه الأرض يجب أن يطاعوا لا أن يُحترموا، وأن يُستجاب لمشيئتهم لا أن ينتقدوا ويوجهوا ويحاسبوا. هذا هو (التمكين) يا سيدي، فانظر إليه كيف يفعل أفاعليه السحرية في وزراء ومسؤولين، خاصة الذين بين ظهراني ولاية القضارف. نسال الله أن يرفع عنهم، وأن يرفعهم (شخصياً) عن حكم الولاية، ويأخذهم عنها (أخذ عزيز مقتدر).. آمين.
[/JUSTIFY]الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي