ويل للجبهة من غضبة النوير!!

ويل للجبهة من غضبة النوير!!
إذن ستعود الحرب من غرب البلاد إلى جنوبها «القديم»، وقد كنا نقول بأن التمرد في دارفور بدأ عام 2003م، وبعد هذا العام هو نقل للحرب فقط من الجنوب إلى الغرب. لقد كان عبد الواحد محمد نور هو جون قرنق الصغير، وكان مناوي هو سلفا كير الصغير.. كانت حركة تحرير السودان موحّدة يقودها هذان. كان اندلاع تمردهما بعد التوقيع على اتفاق مشاكوس الاطاري الذي في اطاره جرت المفاوضات التي افضت إلى إتفاقية نيفاشا. اسمها «اتفاق السلام الشامل» رغم نقل الحرب من الجنوب إلى الغرب «دارفور وكردفان». لما انفصل «الجنوب» ظلت القوى الاجنبية تشعر بالارتياح من استبقاء الحرب في السودان وفي غربه الخصب والغني بالموارد في احشاء أرضه.. ذلك لأن فكرة أن انفصال الجنوب أو على الأقل وقف الحرب فيه ستحسم مشكلة نسف الاستقرار، لا بد من أن تُهزم لصالح مطامع هذه القوى الأجنبية.. هذه هي التقديرات لدى الأجانب وعملائهم. لكن ماذا حدث الآن؟! لقد اشتعلت في جنوب السودان بعد انفصاله حروب قبلية عنيفة جداً وضعت الجبهة الثورية وهي حلف حركات التمرد في «كستبانة».. في مأزق عجيب. وتأتي الأخبار مؤلمة جداً الآن بالنسبة لحلف متمردي الجبهة الثورية.. وتعلن المعارضة المسلحة هناك بقيادة الدكتور رياك مشار «القوات الأجنبية» حتى منتصف سبتمبر الجاري لمغادرة البلاد المنفصلة قبل ثلاثة أعوام من السودان.
يتغير كل شيء مع الأيام، فالأصدقاء الذين لعبوا الدور التآمري اللاحق في غرب السودان بعد اتفاقية نيفاشا، هم الآن «قوات أجنبية» تُمهل اسبوعين لمغادرة تلك الدولة.
لقد وصفتهم المعارضة الجنوبية بأنهم مرتزقة يحاربون إلى جانب القوات الحكومية هناك مقابل أجر عاجل أو آجل يمكنهم من استمرار الحرب ضد الدولة السودانية.
ولم تتخذ قوات الجبهة الثورية منذ البداية الموقف المحايد بطريقة ذكية حتى تتجنب عملية الطرد والتهديد من قوات مشار، وتقي نفسها بعض الصفات الاستفزازية مثل تسمية «مرتزقة» رغم أن بعض قوات المعارضة المسلحة في جنوب السودان كانت جزءاً من الجيش الشعبي الذي تتبع له الفرقتان التاسعة والعاشرة بقيادة «بعض الأجانب» وهما عقار والحلو طبعاًَ. فهما من الاجانب الذين يشير إليهم معسكر المعارضة الجنوبية. لكن لا خيار لقوات الجبهة الثورية غير أن تتجاوب مع التطورات في جنوب السودان، وتقف إلى جانب من تراه الأقوى، وتراه الذي يمكن أن يقدم «المقابل». والسؤال بعد ذلك: هل ستستمر قوات الجبهة الثورية في قتال قوات المعارضة الجنوبية، أم ستضطر للبحث عن طريق للعودة للتفاوض مع حكومة الخرطوم باعتبار الأمر انسحاب تكتيكي لكنه مُغطى بشعار خيار السلام؟! إن خيار السلام يلجأ له المتمردون كهروب مما يواجههم. وكما استخرج السودان النفط وظن قرنق انه سيدعم بعائداته المليارية القوات المسلحة والدفاع الشعبي، لتسحق قواته المتمردة سحقاً بين الغابات والاحراش وفي الحدود مع دول الجوار، كان مهربه بباب النفوذ الأمريكي الذي انقذه من هزيمة كانت ستكون نكراء، وكانت «الإيقاد» هي أداة هذا النفوذ الامريكي.
الآن قوات الجبهة الثورية لعلها تفكر في باب الهروب هذا من مواجهات قوات النوير في جنوب السودان التي توعدتهم بالضربة القاضية ما لم يغادوا في ظرف اسبوعين. وجاء هذا التحذير من القائد جيمس قاي الذي يقود المعارضة ضد حكومة جوبا في اقليم اعالي النيل بعد ان اعتذرت الجبهة الثورية عن المفاوضات، وكأنها كانت تريد أن تخيف خصومها في الخرطوم، لكن الآن جاءتهم الإخافة التي لا تُفسّر بأنها من باب المناورات، جاءتهم من معسكر رياك مشار بعد أن رفض صيغة التسوية مع حكومة سلفا كير رغم أنها تشمل منصب رئيس وزراء يتقلده مشار.. فويل للجبهة من غضبة النوير.

الكاتب : خالد حسن كسلا
الحال الآن – صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version