(1 )
من يصدق أن اول معبر في طريق بري يربط بين السودان ومصر يمكن اهل البلدين من عبور الحدود بمركبات عامة وخاصة تم افتتاحه يوم الاربعاء 28 اغسطس 2014 وأن آخر عبور بري بين البلدين كان عبر السكة حديد مع كتشنر في 1898 اي قبل 116 سنة؟ مصر والسودان اللتان كانتا حتة واحدة منذ فيضان نوح الى ذلك التاريخ حتى المهدية التي خلصت السودان من الحكم الخديوي المصري كانت وجهتها مصر حيث سير الخليفة عبد الله تجريدة ود النجومي التي انتهت في توشكي لضم مصر لدار المهدية فالمهدية قدمت الهداية للشعب المصري على نشر الاسلام في افريقيا على حسب معتقدها وحتى هذا المعبر الاخير قسطل- اشكيت تأجل افتتاحه كذا مرة لا بل حتى الافتتاح اعتبر مؤقتا ولمدة ثلاثة ليتم الافتتاح الرسمي (الحكاية فيها اختبار نوايا ولا ايه ؟)
(2 )
ذلك اليوم الاربعاء 28 /8 / 2014 يمكن اعتباره يوما تاريخيا في مسيرة العلاقة بين البلدين لان الذي حدث لم يكن سياسيا بحتا بل هو حدث اقتصادي واجتماعي في المقام الاول ولو تسربت السياسة لمساراته فسوف يذهب في خبر كان. سوف يأخذ الحدث في مبتدئه الشكل التجاري فسوف تنساب البضائع المصرية للسودان بغزارة لدرجة أن الصناع المحليين سوف يصيحون الحقونا الحقونا ثم سوف تنساب المحصولات الزراعية إلى مصر لدرجة أن الزراع المصريين سوف يطالبون بالحماية . الفواكه يمكن أن تكون متكافئة فالبرتقال ابو صرة والعنب من جهة والموز والمنقة من جهة اخرى وسوف يظهر البصل والبطيخ في المعبر وبكثافة اما البشر والعلاج والسياحة فسيكون من الجانب السوداني اكثر بكثير من الجانب المصري.
(3 )
لو صبر الناس على الآثار التي تبدو سلبية من التجارة والسياحة سوف تتحول إلى برامج تنموية مباشرة سيكون رأس المال المصري اول القادمين للسودان خاصة اذا تحسنت اوضاع السودان الاستثمارية. سوف يكتشفون أن اقامة المنشآت الصناعية في السودان احسن لهم من تصدير المصنوعات ومن السودان سوف يغزون كل افريقيا تجاريا. سوف يأتي رأس المال المصري من اجل المواد الخام وسيكون اوفق واجمل واسلم لو دخل في شراكة مع رأس المال السوداني. مصر بلاد مكتظة بالبشر والسودان بلاد مكتظة بالموارد عليه يجب أن يحدث التكامل وكل عنصر من العنصرين جالس في مكانه لا حاجة لترحيل مصريين للسودان ولا حاجة لنزع موارد من السودان فالأفكار ورأس المال سوف تحدث التكامل المطلوب دون حاجة لافكار خديوية توسعية امبريالية.
(4 )
اذا سارت الامور على حسب النوايا الطيبة التي وجدت فرصة في معبر قسطل شكيت سوف يصبح هذا المعبر واحدا وصغيرا من معابر اخرى اكثر واكبر ولكن وآه من لكن هذه الخوف كل الخوف أن تتدخل السياسة وتحجم هذا المعبر وتجعله في خبر كان فالجهات التي ظلت تباعد بين البلدين ولمدة 116 سنة وبنجاح تام ما زالت موجودة ولديها قدرة على التشكل على حسب متطلبات المرحلة فالحذر ثم الحذر.
(5 )
النوبة اصحاب اعظم واقدم حضارة في التاريخ كانوا خلال ال116 اقلية في جنوب مصر واقلية في شمال السودان والآن بعد معبر قسطل اشكيت (كلاهما كلمة نوبية) والمعابر المتوقعة مستقبلا وانسياب الناس والمنتجات بين البلدين وحدوث تقارب حقيقي سوف يصبح النوبة في قلب البلدين وسوف يصبح البلدان في قلب العالم القديم عليه فإن بلاد النوبة سوف تصبح قلب العالم فمسكاجرو اتنينا (انظر كتاب البروف الراحل محمد عمر بشير تراميديا قلب العالم -)
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]