جاء في صحيفة السوداني هذه الصادرة يوم 26 اغسطس الجاري تصريحا لوزير التربية التعليم بولاية الخرطوم فحواه انهم يسعون لإسناد 70 % للتعليم الخاص، بعبارة اخرى أن القطاع الخاص سيقوم بسبعين في المائة من العملية التعليمية في التعليم العام، بعبارة ثالثة إن 70 % من التلاميذ سوف يتلقون تعليمهم في مدارس خاصة و30 % فقط هم الذين سوف يتلقون تعليمهم في المدارس الحكومية . وضعت يدي على قلبي ولكنني صبرت نفسي بأن هناك خطأ ما وأن تصحيحا سوف يرد في نفس الصحيفة او غيرها نافيا هذا الخبر جملة وتفصيلا.
ولما لم يرد اي تصحيح حتى ساعة كتابة هذا المقال صباح السبت بدأت اتخيل أن مباني المدارس الحكومية الموجودة الآن في العاصمة (اساس على ثانوي) قد عرضت في الدلالة ودق عليها الجرس و(اللما يشتري يتفرج) ثم والاهم من ذلك أن عدد المدرسين الكبير في العاصمة قد خيروا بين المعاش الاختياري او الاستيعاب في المدارس الخاصة بشروط فرضتها الوزارة على الذين سوف يشترون المدارس الحكومية . وتخيلت الوزير يدافع عن السياسة هذه بقوله إن التعليم الحكومي بالطريقة التي يجري بها الآن متكدس في بعض المناطق وان الاطراف في العاصمة محرومة منه وان هناك مباني مدارس اكبر من أن تكون مدارس وهي تصلح لاستثمارات اخرى (مولات وكافتيريات ومشاف خاصة ) لانها في مواقع استراتيجية.
اها طيب خلونا نرجع للواقع وبافتراض أن الوزير جاد في تنفيذ سياسته التي اعلنها ونسأله كيف حال المدارس الخاصة الحالية ؟ اتمنى أن يرجع لادارة التعليم الخاص في وزارته ليرى عدد المدارس الخاصة التي للوزارة عليها تحفظ من حيث المباني ومن حيث عدد المدرسين وتأهيلهم ورواتبهم وعملهم بالمقطوعية . يبدو أن الأخ الوزير لا ينظر الا لمدارس الخاصة وليس المدارس الخاصة فمدارس الخاصة تبلغ مصروفات التلميذ فيها اكثر من دراسة الطب الخاص في بعض الجامعات تلك المدارس التي تزين صفحات الجرائد بإعلاناتها الملونة الشاشات باحتفالات نهاية وبداية عامها الدراسي فهناك فرق كبير بين المدارس الخاصة ومدارس الخاصة.
يبدو أن الوزير لم يطلع على تقرير اليونسكو الذي يقول إن عدد الاطفال الذين في سن التعليم ولم يدخلوا المدارس في السودان عددهم ثلاثة ملايين! هل لدى الأخ الوزير معلومات خاصة تقول إن هناك ثروات طائلة هبطت على اهل السودان فأصبحوا في غنى عن خدمات التعليم المتدنية التي تقدمها الدولة ؟ بحكم انه الوزير المختص بالتعليم في العاصمة وبلغة ناس ام درمان (قلب العاصمة النابض) نسأله (شن جدة على المخدة ؟ كيس جديد ولا تنجيد ؟) فما الجديد الذي رآه الوزير في احوال ناس العاصمة وفي مدارس العاصمة الخاصة جعله يقول ذلك الكلام ؟ ثم الاهم من كل هذا هل هذه مجرد خاطرة عبرت ذهن الوزير وصرح بها ام أن هناك تقارير قدمت له وأن قرارا قد تم اتخاذه ام انه اراد اطلاق بالونة اختبار لشيء يضمره ؟ الشئ المؤكد أن الوزير لا ينطلق من دراسة علمية او حتى غير علمية تقول انه آن الاوان أن تنسحب الدولة من قطاع التعليم وتتركه للقطاع الخاص! هذا التصريح اكيد وراءه كلام فالافضل أن نسكت هنا الى حين معرفة ذلك الكلام وبعد ذلك نطلق بقرنا.
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]