على غرار خطاب الوثبة الشهير بلغته المتقعرة والمتحذلقة، خرج على الناس بالأمس الباشمهندس حامد صديق رئيس القطاع التنظيمي بحزب المؤتمر الوطني،بقائمة حوت ثمانية عشر مواصفة، قال أن حزبه قد اشترط توافرها في مرشحه للرئاسة في الانتخابات القادمة،ومن عجائب مواصفات هذه القائمة أن مجرد فهم بعضها وفك طلاسمها لغالب أهل السودان من غير المتخصصين في اللغة العربية وادابها والمتبحرين فيها،يحتاج منهم كي يعرفوها فقط الاستعانة بمعاجم اللغة العربية،من شاكلة مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر عبدالقادر الرازي،وأساس البلاغة للزمخشري،ولسان العرب لابن منظور،والقاموس المحيط للفيروزابادي،وقطر الندى وبل الصدى لابن هشام،أو أن يتدافعوا بالمناكب أمام مجمع البروفسور عبدالله الطيب طلبا للعون والمساعدة ، دعك من أن يجد الحزب من بين منسوبيه كافة بمن فيهم (أهل بدر السابقين بالايمان) من تتوفر في شخصه هذه الشروط والمواصفات، اللهم الا أن يبعث الله من بين صفوفهم نبيا وهيهات،ولم أر سببا يجعل الحزب الحاكم يعلن مواصفاته هذه ويذيعها على الملأ، غير غرام الاسلاميين القديم بالشعارات والمواصفات منذ أيام الطلب والدراسة،فمن نوادر ولطائف ما أذكره عن هذا الغرام،أنهم كانوا بارعين جدا في صياغة وتأليف شعارات انتخابات الاتحادات الطلابية والدعاية لمرشحيهم لها،وفي مرة وكانت حمى الانتخابات قد التهبت وبلغت ذروتها ،دخل مقهى النشاط أحد الطلاب الساخرين من (الفلوترز) جماعة حزب الببسي والبهجة والمسرة غير المنتمين لأي تنظيم،فوجد المقهى محتشدا بكم هائل من اللافتات والبوستات الدعائية،حملق في احداها مليا وقرأ (الاتجاه الاسلامي لربط قيم السماء بالأرض)،قال ضاحكا (شنو أصلو لاسلكي)،ثم جال ببصره في دعايات المرشحين المكتوبة أسفل صورهم،توقف عند احداها وقرأ (نشط سريع الحركة) فأطلق ضحكة عالية وقال معلقا (نشط سريع الحركة قال… أصلو عايزين نصطاد بيهو أرانب)….
ثم أن الأهم من ذلك،هل حقيقة أن الحزب الحاكم يبحث الان في صفوفه ويعكف على نثر كنانته ليمحصها ويتخير منها (عودا ) مرشحا ليقدمه للرئاسة تنطبق عليه نصف المواصفات المعلنة أو حتى ربعها، الواقع والشواهد يقولان أن لا، ليس لدى الحزب حتى اللحظة غير مرشح وحيد هو المشير عمر البشير ولا حاجة لي للتفسير(وأنا ما بفسر وانت ما بتقصر على قول بروف البوني)،خاصة بعد الترشيحات الأخيرة التي تواترت من (علية الجماعة) واخرهم الاستاذ علي عثمان الذي لم ير لحزبه مرشحا الان أنسب وأفضل من البشير،ومثله فعل غندور واخرين كثر من كبار القوم،بل أننا لو سألنا حامد صديق نفسه الذي أذاع تلك المواصفات (بينا وبينك كدا يا باشمهندس من ترشح من حزبك للرئاسة) أزعم أنه سيقول البشير،ثم هب أن البشير قد تمسك برأيه المعلن في عدم رغبته للترشح مجددا ولم يستجب لرجاءات الحزب،فهل لدى المؤتمر الوطني مرشح بديل غير الفريق أول بكري حسن صالح،وأيضا أشك في أن لدى الحزب مرشح بديل للبشير غير بكري،اذن لماذا يجهد الحزب نفسه في وضع مواصفات عصية التحقق بل ما حاجته لها ابتداء ان لم يكن محض غرام قديم بالشعارات والمواصفات…
[/JUSTIFY]
بشفافية – صحيفة التغيير
حيدر المكاشفي