من أصعب المشاعر في هذا الحياة حينما نشعر بالجحود أنه يختطف الطيبة من داخل القلوب.. يغتال البراءة في معدن النفوس.. أقسى شيء حينما تشعر أن العطاء يقابل بالجفاء والإحسان يقابل بالإساءة.. والحب يقابل بالتجاهل.. أصعب المرارات في هذا الوجود عندما تكتشف أنك أعطيت ليكون المقابل هو النكران.. كيف يمكن لزمن أن يجود بأناس جُبلوا على العطاء.. وتعودوا على الحب.. لغتهم الإيثار.. سمتهم التواضع وهدفهم إسعاد الآخرين ليفاجأوا بعد ذلك.. بأن من منحوهم العطاء ردوا ذلك بالتجافي.. إنه زمن المرارة في عالم الجفاف..
تعطي لكي تفاجأ بأن من قدمت لهم الخير اعتبروه من المسلمات تجاوزوا عن كل ذلك.. وفكرو في أنفسهم فحسب.. بالنسبة لهم الحياة هي (هُم) فقط !
وماعدا ذلك فراغات يختطفون أجمل ما فينا ويرحلون بل وربما يجرحون.. نسير في حياتنا بعفويتنا.. نفتح الأبواب للآخرين نقدم لهم ما نستطيع.. لا ننتظر المقابل، فالزهور حين تورق والسماء حينما تمطر لا تنتظر المقابل.. ولكنها أيضا لا تتوقع الجحود.. العطاء مثل الجنين يحتاج للرعاية والدفء ليكبر وينمو، وبالتالي يصبح امتدادا لوجود ينبض بصدق المشاعر الحقيقة الخافقه بين الضلوع.. فعندما تلتقي كلماتنا وتتعاطف مشاعرنا.. وتتآلف قلوبنا فإنها تطير إلى السماء بأجنحة النور الطاهر، فتمر فوق السحاب وتسابق الشمس إلى المغيب، فتلتقي بالقمر تبدأ معه رحلة المساء ترافقه في دروب الكون ما بين الكواكب وبين آلاف النجوم ثم تسكن في ذاتنا وتحيا في وجداننا بعطاء صادق العهد وفي الإخلاص يحمل معه كل المشاعر الراقيه المجبولة بكل النقاء والطيبة بعيدا عن قبيح الانتهازية وكل حجود.. نقف أحيانا في نقطة المنتصف لنتساءل: هل يمكن أن نستمر في العطاء؟ وإلى أي مدى؟.. ربما هناك أشخاص أراد القدر أن يكونوا في حياتك.. وتجد نفسك في صراع بين طبع العطاء ومرارة الجفاء.. وتقابل أشخاصا يعتقدون أنهم كلما أخذوا أكثر كانوا أكثر ذكاء.. حساباتهم مبنية على الإنتهازيه بعيدا عن المشاعر الإنسانية.. إن الجحود جارح وقاس والحياة علمتنا أن الانتهازيين يربحون على المدى القصير.. ولكن عدالة الحياة تكشف لنا حتى ولو بعد حين.. كم كانوا هم أشقياء وكم نحن نربح.. ليس فقط في الرضا عن الذات وراحة الضمير.. بل حتى في الحسابات الأخرى.. فالخير هو الذي يدوم ومن زرع حصد.. والشمس دائما تشرق حتى وإن غطتها الغيوم.. إن الجحود من أسوأ الخصال في هذه الحياة.. ليس فقط لأنك تشعر بالندامة على ما قدمت، ولكنه أيضا يحرمك من متعة العطاء في المستقبل وفقدان الكثير من الثقة في الأخرين.. الجحود.. قلم شحيح حتى من الحبر.. يعد الأحرف بدقة.. مبغضا الكرم.. وقلب تفوح منه رائحة الاحتراق بنيران النفاق والنكران.. حكايات لا تشبهها حكايات ومسار مختلف وأحاسيس واقع لطختها بلون كلون الوجع..
**أخطـــــأت **
أخطأت.. عندما اعتقدت أن كل الرجال.. (كأبي )
وأن كل قلب كقلب..(أمـــي) …
(أرشيف الكاتبة)
كلمات على جدار القلب – صحيفة اليوم التالي