في حوار مع صحيفة المجهر السياسي ــــ نُشر في عددها الصادر ليوم أمس ــــ قال الدكتور أمين حسن عمر، في معرض رده على سؤال بشأن علاقة حزب المؤتمر الوطني الحاكم بحزب المؤتمر الشعبي (الناس كانوا يعتقدون أن هناك قطيعة وعداء، نحن نقول إن الخلافات السياسية ليست بالضرورة تؤدي إلى القطيعة والعداء .. أستطيع أن أقول ليس على المستوى الاجتماعي توجد قطيعة، ربما كان هناك جفاء، وهناك فرق ما بين الجفاء والقطيعة) ..!
والآن صححني إذا أخطأت! .. هل يشكل عنوان رئيس على غرار (خلافاتنا السياسية لم تقطع وشائجنا الاجتماعية.. ونحن لسنا أعداء للشعبي!) فارقاً يذكر في علاقة هذه الحكومة بهذا الشعب؟! .. بتاتاً البتَّة ..!
درجة حرارة العقول والأفئدة والجيوب في الخرطوم لا تحتمل “نظرات” المنشقين و”عبرات” الباقين، وحالة التململ الاقتصادي والسأم الاجتماعي في كل أصقاع السودان لا تسمح بأدنى درجات الاهتمام بعلاقة المحاربين القدامى بالإنقاذيين الجدد .. باختصار ـــ وبصراحة شديدة ــــ هذه ليست “سَخَانة” وشائج يا دكتور.. هذا من جهة ..!
أما من الجهة الأخرى، فمعلوم لدى كل فئات وطبقات هذا الشعب أن معارك المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي ليست (شعبية) على الإطلاق .. بل هي تصفيات لحسابات سياسية، ورهانات في لعبة الكراسي، لذلك ظلت حبيسة صالون الشيخ، وحجرات المؤتمر الوطني، وأروقة الحركة الإسلامية، أما هذا الشعب فهو بعيد كل البعد عن مطابخها، وهو برئ كل البراءة – من أغراضها وغاياتها ومآلاتها، إن وجدت ..!
هل تريد مثالاً؟! .. التصريح الطازج الذي (لم يَتسنَّه)! الذي أدلى به الدكتور كمال عمر مؤكداً فيه (عدم إدانة حزب المؤتمر الشعبي لأحداث أم روابة وأبو كرشولا التي أتت كنتيجة طبيعية لسياسات النظام، وإدارته للحروب البشعة والعنصرية، وثقته الكاملة في الشعب السوداني لقيادة التظاهر في هبة واسعة بكل ولايات السودان لاقتلاع النظام) .. “يا سلام” .. هذا أولاً ..!
أما ثانياً فالشعب قبل الحزب يشجب تفاقم مظاهر أبلسة الآخر، وتعميق نعرات الصفوية القبلية، وأوهام النقاء العرقي في السودان، ولكن!، الشعبي كان وسوف يقتسم هذه المسئولية التاريخية مع الوطني، لأنه بارك يوماً مثل هذه “المناظر” التي كان الشعب ــــ الذي يخاطبه الدكتور كمال اليوم من خندق المعارضة! ــــ يتابعها بمزيج من السخرية وطيب الخاطر! .. لولا أن تلك الكوميديا قد تحولت إلى ميلودراما، اكتسب فيها صوت العنصرية شرعية سياسية بعد انفصال الجنوب .. والآن ماالذي يتوقعه المؤتمر الشعبي من هذا الشعب يا ترى؟! .. يالسوء السياسة ويالبجاحة السياسيين ..!
الدكتور الترابي قال مخاطباً المصلين في مسجد بالعيلفون ـــ قبل فترة ليست ببعيدة ـــ (أسأل المولى أنّ يغفر لنا ما ارتكبناه من ذنوب كبيرة .. نحن مسؤولون أمام الله عن التفكك الذي أصاب البلاد!) .. نشهد أنها كلمة حق، وإن أريد بها غيره ..!
منع من النشر في الرأي العام
(أرشيف الكاتبة)
[/JUSTIFY]
الكاتبة : منى أبوزيد