ليل الثلاثاء الحزين انهارت فيه الهدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين بسبب عجرفة وتعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، في تلك الليلة تناقلت وكالات الأنباء والفضائيات خبريْ انهيار مفاوضات القاهرة للتهدئة ورحيل شاعر المقاومة الفلسطينية سميح القاسم، وطفقت الفضائيات والإذاعات تجتر أغنية/ نشيد سميح القاسم بصوت الرائع الملتزم مارسيل خليفة: “منتصب القامة أمشي.. مرفوع الهامة أمشي.. في كفي قصفة زيتون.. وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي”.
نعم مشى سميح إلى مثواه الأخير سمحا وقويا وشامخا، ولكن إلى أين تمشي القضية الفلسطينية بعد رحيل أهم صوتين من شعراء الثورة والمقاومة، هما محمود درويش وسميح القاسم اللذان ناضلا بسلاح الكلمة والشعر ضد قبح الاحتلال وبشاعته.
ونعى رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، الشاعر الراحل، واصفاً إياه بأنه “صاحب الصوت الوطني الشامخ”، وأضاف أنه “كرَّس جل حياته مدافعاً عن الحق والعدل والأرض”، من داخل أراضي عام 1948، أو ما يُعرف بـ (عرب الداخل) في إسرائيل. كما وصفت وكالة الأنباء الفلسطينية سميح القاسم، بأنه “أحد أبرز شعراء فلسطين”، مشيرةً إلى أنه “واجهَ أكثر من تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه.. وقد قاوم التجنيد، الذي فرضته إسرائيل على الطائفة الدرزية، التي ينتمي إليها”.
إسرائيل التي اعتقلت وعذبت سميح القاسم بسبب مواقفه الأدبية والسياسية لم تترك لأهالي غزة حتى مجرد هدنة قصيرة ينعون فيها شاعرهم وملهم نضالهم، فبينما بصيص من الأمل يلوح من تلقاء القاهرة بالتوصل إلى اتفاق تهدئة دائمة بغزة ، تفاجأ العالم بطلب.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من وفده المفاوض المشارك في محادثات التهدئة في القاهرة العودة إلى بلاده، بعد سقوط ثلاثة صواريخ على جنوب إسرائيل. نتنياهو اتهم الجانب الفلسطيني بالمسؤولية عن خرق الهدنة، كما وجه أوامره للجيش الإسرائيلي باستئناف الغارات الجوية على قطاع غزة.
اتهم رئيس الوفد الفلسطيني عزام الأحمد إسرائيل بالتسبب في فشل مفاوضات القاهرة وانهيار التهدئة الأخيرة وعدم التمديد لوقف إطلاق النار. الأحمد رأى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لم يكن جادا في التوصل لوقف إطلاق نار دائم متهما إياه بـ (العجرفة). من جانبه حمل عزت الرشق القيادي البارز في حركة حماس الحكومة الإسرائيلية مسؤولية تجدد العنف مرة أخرى، محذرا إسرائيل من أنها “لن تنعم بالأمن” بعد انقضاء تهدئة ليوم واحد.
إذن هكذا كان المشهد الفلسطيني العبثي يتماهى مع حالة الحزن الدفين لاكتمال رحيل (شطري البرتقالة)، حيث اشتهر سميح ودرويش في السبعينيات بـ(كتابات شطري البرتقالة).
كان سميح في كل أعماله التي تنوعت بين الشعر والنثر والمسرحيات والمقالات الصحفية، حالة من النضال لا تهدأ.
[/JUSTIFY]العالم الآن – صحيفة اليوم التالي