:: قبل عقود، باحدى الدول الغربية، عجز أحد القساوسة عن جذب الشباب إلى الكنيسة.. فالملاهي والمقاهي كانت تشغل الشباب عن الكنيسة وصلواتها وتعاليمها.. فكّر القسيس مليّاً ثم قرر جذب الشباب إلى كنيستهم بأي وسيلة حتى ولو كانت غير مشروعة.. ثم نفذ الفكرة بانشاء مقاهي وملاهي في فناء الكنيسة، فارتادها الشباب ومنها كانوا يدخلون إلى الكنيسة ويتعلموا من قسيسها التعاليم .. أوهكذا نفذ القسيس نظرية ميكافيلي ( الغاية تبرر الوسيلة) .. وهذه من النظريات المثيرة للجدل، ولم – و لن – يتفق عليها العلماء والناس، إذ هناك من يخالفها بالنص القائل ( الغاية لاتبرر الوسيلة).. وبغض النظر عن الاختلاف والاتفاق، دائماً ما تفرض نظرية ميكافيلي ذاتها في حياة الناس ..!!
:: وعلى سبيل المثال الراهن، تسعى السلطات الحكومية بولايتي شمال وجنوب دارفور إلى فرض حظر على كل أهل الولايتين بعدم إستخدام عربات اللاندكروزر والدرجات البخارية والتلثم بالعمامة المسماة شعبياً ب ( الكدمول)، ويأتي هذا الحظر الشامل في إطار خطة تأمين أوراح المواطنين وممتلكتهم من مخاطر الجماعات المسلحة وغير المتمردة على السلطة.. بالتأكيد هذا النوع من الحظر – شرعاً و قانوناً وضعياً – لا يُعد من أنواع الحظر المشروع، بل ينتهك حرية الإنسان وبعض حقوقه.. ولكن الغاية – وهي حماية أوراح الأبرياء و ممتلكاتهم من جماعات النهب المسلح – هي التي تبرر وسيلة الحظر الشامل للعربات والدراجات والتلثم..!!
:: وبولايات دارفور – شمالها وجنوبها وغيرها – تحتكر الحكومة على كل مقاعد السلطات التشريعية والتنفيذية، ولكنها عاجزة تماماً عن ( إحتكار السلاح)..وكل أنظمة العالم الراشدة – بكل مستوياتها المركزية والولائية – تحتكر السلاح فقط وتدع السلع الأخرى للمجتمع وشركاته ..ولكن هنا العكس، فالسلاح بيد المجتمع، بيد أن السلع الأخرى في قبضة الحكومة وشركاتها، وما ولايات دارفور إلا ( أوضح نموذج)..ولذلك، أي لأن الناس هناك أحرار في حمل السلاح وإستخدامه، أصبح المواطن الأعزل في دارفور هدفاً إستراتيجيا مشروعاً، وكذلك أصبح ماله محاطا بحزام أسلحة النهب التي تحملها جماعات لا تعد ولاتحصى ..!!
:: فالسؤال، من هؤلاء الملثمين الذين يداهمون – بلاندكروزراتهم ومواترهم وأسلحتهم – أسواق الناس ومتاجرهم وبيوتاتهم – جهاراً نهاراً – بنيالا والفاشر وغيرها من المدائن والأرياف البعيدة عن مسارح العمليات ؟..ليس من العدل ولا العقل أن ننسبهم إلى حركات مناوي وعبد الواحد وجبريل، إذ هذه حركات تقاتل القوات المسلحة والنظامية الآخرى في الأدغال والوديان الواقعة خارج حرم المدائن والأرياف التي تحت سيطرة الحكومة وأجهزتها.. من هؤلاء..؟؟
:: سؤال يجب أن يؤرق أذهان الذين تسببوا في أن يكون السلاح متاحاً لحد ( الوفرة)، بل لحد التوزيع مجاناً للقبائل والعشائر بمظان (هكذا الحماية).. ولم يكن الحصاد المر غير ما يحدث للأبرياء حالياً، زهقاً للأروح و نهباً للأموال وخطفاً للرهائن .. وعليه، إن كانت هناك ثمة رشد عادت إلى عقل السلطات فلندعمها بمباركة هذه الوسيلة، و على الأهل بشمال وجنوب دارفور دعم قرار حظر اللاندكروز والمواتر والكدمول كوسيلة تُبرر الغاية العظمى ( أمنهم وسلامهم)..!!
[/JUSTIFY]الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]