أولاً أرجو أن يتجاوز قسم الإعلان بالصحيفة، هذه المادة، وألا يعتبرها مقالاً (تسجيلياً)، لإحدى أكبر شركاتنا الصناعية الوطنية، وهي شركة (جياد) التي تشرفت بأن كنت ضمن لجنتها العليا الخاصة بالإفتتاح قبل عدة سنوات..
أما المادة المعنية فهي (إعلان) بحق وحقيقي تم نشره يوم أمس على الصفحة الأخيرة بصحيفة (آخر لحظة) من إحدى شركات مجموعة جياد، وهي (شركة جياد لتشكيل المعادن) تعلن من خلاله عن منتج سوداني جديد و(حديد) يمتاز حسب الإعلان بالجودة والمتانة، هو(كوريك جياد) الذي هو مجرفة، وأصل كلمة (كوريك) التي نستخدمها بكثرة، تركي ننطقها بزيادة الواو، بينما هي في الأصل (كريك) وتعني أحد أدوات العمل في البناء أو الزراعة.
ذكاء الإعلان جاء من حيث التوقيت، والحاجة الرسمية والشعبية لذلك المنتج، فتصريف المياه يحتاج إلى آلاف المجارف اليدوية، غير الآليات، ثم أن عمليات البناء نفسها تحتاج إلى ذات العدد إن لم يكن أكثر من أجل إعادة تشييد ما هدمته الأمطار، وأزالته السيول في فصل الخريف، والإعلان يخاطب المركز ورئاسات الولايات والمحليات، خاصة تلك المتأثرة بالسيول والأمطار، وإن كنا نعجب لماذا لم يقترن الإعلان عن (الكواريك) بمنتج آخر مرتبط به وهو (الطواري)، ولا نعني كلمة (طوارئ) أي الحالات العاجلة والاستثنائية وإنما نعني الأدوات التي تستخدم في الحفر ومفردتها (طورية)، وهذه لا أعرف أصلاً لأسمها، لكنه وبالتأكيد غير عربي، إلا إذا كان يعني (وقت) الاستخدام أي الطوارئ.
قبل الختام، لابد من أن نشير إلى بعض الكلمات ذات الأصول التركية التي راجت و(تعربت) مثل كلمة (الكرشليك) التي يستخدمها الترزي البلدي، ويعني بها الفتحة أسفل «قَصّةْ» الرقبة في الجلابية السودانية، والتي بها عدد ما بين خمسة إلى ثلاثة (زراير) وأصلها (بيشليك)، ومثل الكلمة القديمة التي إندثرت ولا نريد كتابتها لكنها تعني الآن المرحاض، أو دورة المياه، وكلمات كثيرة مثل (أسطى) وتعني المعلم، و(إستمارة) التي تعني نموذج للتعبئة، و (آورمة) التي ننطقها (قرمة) وتعني اللحم بالبصل، كما تعني جذع الشجرة الذي يستخدم في تكسير وتقطيع الذبائح.
هناك كلمات أخرى مثل (أونطة) وتعني الكسب غير المشروع والاحتيال والشيء المجاني، وكلمات كثيرة مثل (بالطو) و(بتنجان) فالأولى تعني معطفا،ً والثانية هي خضار «الأسود» الذي نسميه «باذنجان» وهناك «برواز» و «بس» و «بشكير» و «بسطرمة» و«بقجة» و «بقلاوة» و «بوز» و «بهلوان» و «طوّة» التي ينطقها الأتراك «تاوه» و «جمرك» و «خازوق» و «خربشة» و«داية» و «دندرمة» و «رف» و «شبشب» و «شنطة» و «شوربة» وكلمة «طُز» التي أشتهرت عند العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، والتي ضمنها ما أسماه بـ (الهتاف المقدس) وهو- ( طُز..طُز في أمريكا) والتي تعني أكثر من معنى سيء، لكنها في الأصل التركي كانت تعني كلمة (ملح) إذ تحكي كتب التاريخ والعلاقات الإنسانية إن التجار العرب كانوا إذا ما مروا أمام مفتشي الجمارك الأتراك يقولون لهم (طُز) للسماح لهم بالمرور حيث كانت الحكومة العثمانية تفرض ضرائب عالية على التجار في جميع المنتجات عدا الملح، لذلك يتم السماح للتجار بالمرور.
ومع مرور الزمن أخذت كلمة (طُز) معانيها القبيحة.
أما قاموس الكلمات التركية المعربة فلازال يحمل آلاف الآلاف من ا لكلمات، ومنها كلمة (قازمة) التي تعني آلة الحفر التي نعرفها بـ (أزمة) بعد أن حول اللسان المصري (القاف) ألفاً.
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]