تعتبر اضطرابات الدورة الشهرية ربما من أكثر المشاكل التي يتعامل معها أطباء وطبيبات النساء والولادة، حيث إنه قلما توجد سيدة لم تعان بدرجة ما من اضطرابات في الدورة الشهرية خلال عمرها الإنجابي. ولذا فمن المهم لكل فتاة أو سيدة أن تكون على دراية وفهم لما نعنيه «باضطراب الدورة الشهرية» ومتى يحتاج الأمر إلى تدخل الطبيب. وقد تطورت وسائل العلاج تطورا هائلا خلال السنوات الأخيرة حتى أصبح من النادر أن يحتاج الطبيب للجوء إلى العلاج الجراحي، وهو استئصال الرحم، إلا في قليل من حالات الأمراض العضوية المتقدمة.
* أسباب الاضطرابات
* تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة فاطمة نور ولي، استشارية نساء وتوليد وجراحة مسالك نسائية، في قسم النساء والتوليد بمستشفى الملك عبد العزيز للحرس الوطني بجدة، فأوضحت أن اضطرابات الدورة الشهرية يمكن أن تحدث نتيجة عدة أسباب، منها:
* أسباب عضوية مثل وجود أورام ليفية في الرحم أو أورام أو أكياس وظيفية في المبيض.
* أسباب غير عضوية بعضها يمكن معرفته، ولكن الكثير منها لا يمكن تحديده بدقة.
* الزيادة في نشاط وتكاثر أنسجة بطانة الرحم والتي قد يتطور بعضها إلى أورام الرحم غير الحميدة.
والواقع أن انتظام وظائف المبيض يحتاج إلى تعاون أكثر من غدة، مثل الغدة الدرقية والغدة النخامية. بل إن وظائف المبيض تتأثر بعوامل أخرى مثل الزيادة أو النقصان الشديد في الوزن. وأحيانا كثيرة نرى أن الحالة النفسية لها تأثيرها الملموس على انتظام الدورة، فكثيرا ما يكون القلق الشديد سببا في عدم مجيء الدورة. وأيا كانت هذه الأسباب فإنها في النهاية تؤدي إلى اضطراب في انتظام إفراز هرمونات المبيض، الاستروجين والبروجيستيرون.
* مضاعفات اضطرابات الدورة
* تقول الدكتورة فاطمة نور ولي إن اضطرابات الدورة قد تأخذ أشكالا كثيرة، فقد تكون الدورة منتظمة ورغم ذلك نجد أن المرأة قد تعانى من النزيف الرحمي بسبب زيادة كمية النزيف الرحمي أو طول مدته، أو الاثنين معا، ولا شك أن المعاناة سوف تكون أشد إذا كانت الدورة بالإضافة إلى ذلك غير منتظمة، وهذه الاضطرابات ليست فقط مزعجة اجتماعيا بسبب كثرة نزول الدم، ولكن لها تأثيرا على الصحة العامة للمرأة المصاب، حيث تتسبب في حدوث فقر دم حاد والذي بدوره يؤثر على كل وظائف الجسم.
إن غزارة الحيض تعتبر من الأمور الشائعة بين النساء، وتعرف بفقدان كمية كبيرة من الدم أثناء الدورة الشهرية تصل إلى 80 ملليلترا شهريا، علما بأن المعدل الطبيعي هو 40 ـ 50 ملليلترا شهريا، أو أن تكون أيام الدورة الشهرية أكثر من 7 أيام، ويمكن معرفة هذا عن طريق الفوط الصحية إذا كانت تتبدل من 3 إلى 5 مرات يوميا وهي ممتلئة. ويمكن أن تكون غزارة الحيض ناتجة عن حالة مرضية أو خلل في وظائف الهرمونات أو وجود ألياف رحمية أو التهاب في بطانة الرحم أو اضطرابات في الغدة الدرقية. وتعتبر السمنة من العوامل المساعدة في غزارة الحيض.
إن أعراض غزارة الحيض تكون في النزيف الشديد أثناء الدورة الشهرية مع ظهور شحوب وخمول وتعب، وقد تخرج قطع من التجلطات الدموية أثناء الدورة الشهرية مع خروج دم الحيض على الملابس وشراشف السرير، ويتم تغيير الفوط الصحية بكثرة يوميا.
* العلاج
* تؤكد د.فاطمة أن الطبيب المعالج يعتبر هو الوحيد القادر على تشخيص وعلاج مثل هذه الحالات، وذلك عن طريق أخذ عينة من بطانة الرحم وتحليلها. وقد يكون العلاج بوصف الأدوية الهرمونية مع إعطاء الحديد، أو بالجراحة، أو الكي بالمنظار أو بالبالون الساخن. ويجب أن يتم ذلك بالمناقشة مع طبيب النساء والولادة المختص.
ويعتبر «اللولب الهرموني» الذي يحتوي على هرمون البروجيسترون علاجا آمنا، ومن أحدث الطرق العلاجية لغزارة الحيض ـ بعد التأكد من سلامة بطانة الرحم ـ حيث إنه يقوم بإفراز كمية ضئيلة من الهرمون موضعيا داخل تجويف الرحم. وهذا الهرمون يحد من نمو جدار الرحم ويقلل من سماكته، وبالتالي فإن طبقة رقيقة تتكون من بطانة الرحم، مما ينتج عنه كمية دم قليلة أثناء الدورة الشهرية. وعليه فإن اللولب الهرموني يعتبر خطا علاجيا أول لحالات غزارة الحيض في حالة سلامة بطانة الرحم.
كما أن للولب الهرموني فوائد أخرى غير منع الحمل، حيث يستعمل في حالات غزارة الحيض، ويعالج حالات ازدياد كثافة بطانة الرحم، وتستمر فعاليته لمدة 5 سنوات.
المصدر :الشرق الاوسط