إعلان السياسة الأمريكية وإنسحاب نواب الحركة من البرلمان هل كان صدفة؟..

لم أكن من المتفائلين بأن تكون السياسة الأمريكية الجديدة تجاه السودان أفضل من غيرها في عهد الجمهوريين.. بالرغم من أن أعداداً كبيرة من المراقبين أكدوا في تحليلاتهم أن سياسة أوباما.. ستكون أفضل من غيرها.. وأنه رجل سلام وسوف يوقف زحف القوات الأمريكية في أفغانستان والعراق.
ومضت الأشهر العشرة منذ أن أدى أوباما القسم.. وأصبح رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.. وحارقو البخور يؤكدون صباح مساء أنه رجل السلام الجديد .. وكل ما فعله أوباما.. أن أطلق الكثير من الوعود التي لم تتحقق حتى الآن.. والتي حاول من خلالها تغيير سمعة أمريكا سيئة الصيت في الوطن العربي وفي بلدان العالم الثالث.
وتأكد الآن للجميع بأن جائزة نوبل للسلام التي منحت هذا العام للرئيس أوباما قد ضلت طريقها اليه.. لأنه ببساطة لم يفعل شيئاً من أجل إيقاف الحرب التي أشعلها سلفه بوش في العراق وأفغانستان، بل يفكر الآن في زيادة عدد القوات الأمريكية في أفغانسنات بـ (04) ألف مقاتل.
وكما ذكرت سابقا.. فإن جائزة نوبل التي منحت للرئيس الأمريكي يستحقها للنوايا الحسنة وليس لتحقيق السلام.
اتسمت السياسة الأمريكية التي أقرها أوباما أمس الأول تجاه السودان بسياسة العصا والجذرة.. أو سياسة الترهيب والترغيب.. الأهداف الثلاثة أو السمات الثلاث التي تحدثت عنها هيلاري كلينتون بكل المقاييس أن دولة السودان أكثر حرصاً على تحقيقها من الإدارة الأمريكية.
لأن إنهاء الحرب في دارفور.. أمر تحرص عليه أية حكومة تحكم السودان.. فليس من مصلحة الحكومة أن تستمر الحرب في أي جزء من أجزاء السودان.
ولم تكن الإدارة الأمريكية صادقة مع نفسها في ما أسمته بالإبادة الجماعية في دارفور التي طالبت السودان بضرورة إيقافها.
وهذا الاتهام قد نفاه مبعوث الرئيس أوباما الجنرال غرايشون.. حيث أكد في تقرير رفعه للرئيس أوباما بعد زيارات متعددة للسودان ودارفور. أن لا أثر لإبادة جماعية أو عرقية في دارفور.
أما الشرط الثاني الذي جاء في البيان الأمريكي الذي رسم السياسة الجديدة تجاه السودان.. هو ضرورة تطبيق اتفاقية السلام الشامل بين الجنوب والشمال، وهذا أمر أكدت الحكومة على ضرورة تنفيذه، وهي التي دخلت مفاوضات طويلة ومضنية ومنحت أهل الجنوب من الثروة والسلطة أكثر مما يستحقون.. لذلك لزاماً عليها تنفيذ الاتفاقية دون توجيه من أحد..ودون أن ترفع في وجهه عصا التهديد.
والشرط الآخر.. هو يجب أن لا يكون السودان ملاذاً آمناً للإرهابيين.
وفي هذا الأمر فإن الإدارة الأمريكية تعلم جيداً عمق التعاون السوداني في هذا المجال مع الإدارة الأمريكية السابقة.. فقد جاءت الى السودان عشرات الوفود من المؤسسات الأمنية الأمريكية المختلفة.. وعلى رأسها وكالة المخابرات الأمريكية ونقبوا في كل أراضي السودان..فلم يجدوا معسكراً لتدريب الإرهابيين.. ولم يجدوا أثراً لتنظيم القاعدة.. ولا لأي تنظيم من التنظيمات الإسلامية التي تبحث عنها أمريكا وتشكل لها إزعاجاً كبيراً.
ويعتبر هذا الشرط هو شماعة من أجل أن تبقى العصا مرفوعة.. والجذرة ممدودة.
أوباما.. أكد بأنه سيجدد استمرار العقوبات على السودان لفترة أخرى خلال اليومين القادمين.
يأتي هذا الوعيد من رئيس مُنح جائزة نوبل للسلام قبل أيام.. فهل يستحق هذه الجائزة.. ألم أقل إنها ضلت طريقها اليه؟
السودان سعى بكل ما يملك من أجل التعاون مع أمريكا أثناء حكم الإدارة الجمهورية السابقة.. وجدد هذا السعي بوصول الإدارة الأمريكية الديمقراطية الجديدة وهي إدارة ثنائية جمهورية- ديمقراطية.. إذ أن عدداً من رجال الإدارة الجمهورية السابقة ومن أصحاب القرار ما زالوا في مواقعهم القديمة صانعين للقرار الديمقراطي.
والترغيب بالحوافز.. أمر لا يليق بالإدارة الأمريكية وبدولة عظمى مثل أمريكا.. لأن من مصلحة الحكومة السودانية تنفيذ كل ما جاء في الشروط الأمريكية لأنه من مصلحتها إيقاف الحرب وتنفيذ الاتفاقية وعدم إيواء الإرهابيين.
لقد سبق للإدارة الأمريكية السابقة أن أشادت بالحكومة السودانية في تعاونها معها في مكافحة الإرهاب.. حيث جاء في الأنباء أنها تسلمت من السودان -آنذاك- عدداً من المطلوبين.
إن ما جاء في السياسة الأمريكية الجديدة تجاه السودان ليس بجديد.. وإنما هو قائم ومتوقع.. لكن كانت الحكومة السودانية تأمل من الإدارة الأمريكية الجديدة.. وقف تعاملها مع الإدارة السابقة وحسب تقارير المبعوث غرايشون.. أن تلغي أمريكا عقوباتها على السودان، وأن لا تعتبره من الدول الراعية للإرهاب.
أخطر ما في السياسة الأمريكية عموماً سواء أكانت الإدارة جمهورية أو ديمقراطية أنها تستمتع بالتنازلات التي تقدمها لها الدول.. وعندما تقدم أية دولة تنازلاً.. يسيل لها لعاب الإدارة الأمريكية وتطلب المزيد من التنازلات.
ولا أدري إن كانت هناك علاقة بين توقيت إعلان السياسة الأمريكية الجديدة ضد السودان وما يدور في الساحة السياسية السودانية هذه الأيام.. وما تخطط له بعض القوى السياسية وعلى رأسها الحركة الشعبية التي تلعب دوراً غريباً.. فهي حاكمة ومعارضة وما يخطط له المؤتمر الشعبي.. وما كتبته صحيفة الحركة الشعبية بالأمس بعنوان.. «الطوفان قادم.. وشجر يسير». حيث أكد المقال الإفتتاحي.. (أن انسحاب الهيئة البرلمانية لنواب الحركة الشعبية ونواب أحزاب الجنوب ليس حدثاً عادياً يمكن المرور عليه مرور الكرام، ولمن يدرك فإن لليوم ما بعده من تداعيات ومن انعطافات في طريق هذا الوطن الجريح).
وهذا أمر لا يحتاج الى شرح.. وهو تهديد واضح بأن البرلمان سيكون برلماناً للشمال والشماليين كما جاء في فقرة أخرى من المقال الذي أكد أنه بعد أسبوع سيحدث انسحاب كامل ونهائي من البرلمان وبذلك تفقد اتفاقية السلام أحد أهم مؤسساتها التشريعية.
وبمقارنة هذا مع تصريحات أحد قيادات المؤتمر الشعبي بأن مطالب واشنطون دعا لها مؤتمر جوبا.
والسؤال.. ما ذنب هذا الشعب الطيب الجالس على الرصيف.. الذي يبحث طوال يومه عن لقمة العيش عندما يقرأ هذه التهديدات.. وهو لايفهمها خارج إطار الصراع على السلطة.. خاصة من الذين فقدوها.. ويسعون لها بشتى الطرق ومهما كلفهم الأمر.
إننا ندعو الحكومة. والعاقلين من الحركة الشعبية والقوى المعارضة الى استدارك الموقف.. والجلوس معاً للخروج بحلول واضحة ترضي الأطراف كافة.. فهذا الوطن يجب أن يكون ويبقى وطناً للجميع.. وأن مواعين الحكم تسع الجميع.
وأن التهديد بالقوة لايخدم غرضاً وإنما الحوار هو الذي يوصل الجميع الى تحقيق أهدافهم الوطنية العليا.. فهل من عقلاء يسمعون هذا الكلام؟
نسأل الله أن يجعل هذا البلد آمناً وأن يرزق أهله من الثمرات.

طلحة الشفيع يهنئ إتحاد الصحافيين

اتصل ظهر أمس من العاصمة الأردنية عمان الزميل والأستاذ والصديق طلحة الشفيع «اتفرج يا سلام» والذي ذهب اليها مستشفياً.. حيث أجرى العديد من الفحوصات.. وسوف يصل الخرطوم صباح اليوم.
الزميل طلحة أرسل تهنئة حارة لاتحاد الصحافيين الذي حقق إنجازات للصحافيين لم تحقق من قبل.. وهو عضو في النقابات والاتحادات الصحفية كافة منذ العام 4691م وقال طلحة.. إن على الصحافيين كافة مساندة هذا الاتحاد الذي حقق لهم المسكن ووفر لهم العلاج والتأمين الصحي..
وقال طلحة .. نتوقع للاتحاد في دورته الجديدة الكثير من الإنجازات للصحافيين في مجال التدريب والتأهيل ويحسن ظروفهم المعاشية والحياتية.. كما تمنى للاتحاد التوفيق والنجاح لتحقيق مشاريعه كافة.
كمال حسن بخيت :الراي العام

Exit mobile version