تلكؤ .. ليس إلاَّ ..!!

[ALIGN=CENTER]تلكؤ .. ليس إلاَّ ..!! [/ALIGN] ** رضيت صحافتنا بأن يكون لها قانوناً حتى في المرحلة الديمقراطية ، بيد أن القانون يأبى أن يرضى بها.. والناس في الحياة يجب أن تعلم بأن الصحافة في الدول الديمقراطية ليست لها قانون ، ومن حق أي مواطن أن يصدر ما يشاء من الصحف بعد إخطار الجهة المختصة برسالة صغيرة فحواها : للعلم فقط وليس لأخذ الإذن أو لمنح التصديق ، فلا أحد هناك – فى الدول الديمقراطية – يستأذن الآخر ليعبر عما فى نفسه تجاه الأشياء ، وكذلك حرية التعبير هناك لاتمنح ..والمنحة ، شكلا ومضمونا ، تتناقض مع الحرية ..!!
**ولاتعرف الصحافة هناك مايسمى هنا فى دول العالم الثالث – والأخير – بقانون الصحافة ، إذ القانون الذي يحكم كل المواطنين هو ذات القانون الذي يحكم الصحفيين ..إذا أخطأ صحفي في حق أى آخر أو آخرين يساق الى المحكمة مثل أى مواطن متهم باشانة السمعة أو الكذب الضار ، فتحكم له المحكمة أو تحكم عليه بمادة تتساوى أمامها الصحفي مع كل خلق الله القاطنين في تلك الدول الديمقراطية ..وليس هناك مجلس صحافة ليعطيك إذن التعبير أويحرمك ، وكذلك ليس هناك نيابة صحافة تميزك عن الذين يقفون أمام نيابات العامة .. باختصار : في بلاد العالم الديمقراطية ما في حاجة إسمها قانون الصحافة ، نيابة صحافة ، محكمة صحافة ، مجلس صحافة ، وما شابه ذلك .. !!
** ولأن ديمقراطيتنا المرتقبة لن تكون كديمقراطية تلك الدول إلا في تشابه الحروف ثم التشدق بها فقط لاغير ، رضيت الصحافة السودانية – مكرهة – بقانون خاص ، ومع ذلك يأباها هذا القانون ..لقد تم سحب مشروع القانون من أجندة البرلمان للمزيد من التشاور ، أو كما يبرر أتيم قرنق نائب رئيس البرلمان ..أكثر من نصف عام والمشروع في مرحلتي الشد والجذب في دهاليز الشريكين والكتل البرلمانية ..هذا يرفض هذا النص ، وذاك يرفض ذاك النص ، ثم يأتى أحدهما ويرفض هذا وذاك ، ليأتى الآخر ليقبل ، وهكذا حال مشروع القانون : دخلت نملة ورفضت نصا وخرجت..!!
** كتلة التجمع بالبرلمان كانت قد طلبت إجتماعا قبل أسبوع ونيف للتشاور حول القانون ، ولكن كتلة المؤتمر الوطني رفضت الدعوة ، وفيما بعد طلب المؤتمر الوطنى من القوى الاخرى اجتماعا للتشاور ولكن كتلة التجمع رفضت .. هكذا يديرون الشأن العام ، بالكيدية والمكاواة و ( مافيش حد أحسن من حد ) .. و الصحافة تنتظر ، بل كل السودان هو الذي ينتظر قانونا تتلكأ في إصداره الأمزجة السياسية التى لانعلم متى تعلم بأن ليل الإنتظار لم يعد طفلا يحبو ، بل صار يبلغ من العمر أربعا إلا نيف .. وهو عمر نيفاشا ، وهو عمر يكفي لتنزيل كل نصوص دستور الدولة إلى أرض الواقع ، ولكن إيقاع الإرادة السياسية للشريكين ليس بمستوى إيقاع طموح الناس والصحافة ، إيقاع بطئ يدمن تأجيل الإنتخابات وسحب مشاريع القوانين لـ… ( مزيد من التلكؤ ) ..!!
** والمدهش فى أمر مشروع قانون الصحافة أن مشاورات الأسابيع الفائتة أسفرت أخيرا عن : إلغاء عقوبة الحبس فى قضايا النشر وتعطيل الصحف و غرامة الخمسين مليون ومصادرة المطابع ..بالله عليكم لماذا وضعت صاحبة المشروع – الحركة الشعبية – مثل هذه النصوص القاسية فى قانون يجب أن ينظم صحافة مرحلة ديمقراطية ..؟.. ثم كيف مرت هذه النصوص الغريبة من مجلس الوزراء المناط به مهمة تكييف القوانين بحيث تتناسب مع مزاج المناخ السياسي المرتقب ..؟.. ثم السؤال الأساسي : متى يعاد المشروع الى أجندة البرلمان ..؟… نأمل ألا تكون الإجابة : قبل الإنتخابات بـ ..( يومين ، تلاتة ) ..!!

إليكم – الصحافة الثلاثاء 02/06/2009 .العدد 5723

Exit mobile version