أحد المشاهير عرف الصحفي الناجح بأنه الذي تتمنى حال اختلافك معه أن تقتله وتقتل أطفاله وتحرق بيته… وهذا ما وقع للكثيرين من الصحافيين في كل العالم لما كان القلم يمثل صاروخا.. دفع الأستاذ عثمان ميرغني ثمن مجاهرته بآرائه أول أمس لما كاد أن يقتل في اعتداء مستنكر من مجموعة سنسميها سارقة لأنها أخذت الهواتف والأجهزة الحاسوبية ليكون النعت هذا أكبر إدانة لهم مع الوضع في الاعتبار أن حماة العقيدة سرقوا وعاثوا فسادا قبيل الإفطار في عشرة العتق من النار.
صدمت شخصيا في حديث الأستاذ عثمان لاعتقادي أن الزمن غير مناسب لرأي مخالف أو عقلاني فإن لزمان التهييج لغة وبعض الحديث لا يصلح في تلك الأجواء وإن كان عقلانيا.
لقد دفع الأستاذ الراحل الكبير محمد طه محمد أحمد رأسه ثمنا لكتابات لم يكتبها هو وإن كان مسؤولا عنها بحكم منصبه الصحفي، وعثمان نفسه دفع أثمانا كبيرة من إيقاف ومصادرة لكتابات لم يكتبها هو فكان مسؤولا عنها بحكم المنصب.
ليأتي السؤال الممتد لقرون لمن يكتب الكاتب؟… فلقد رمي بالهرطقة سقراط ما قبل التاريخ لما حوكم بالهرطقة وإفساد عقول الشباب قبل أن يكتشف الناس أنه الفيلسوف الأكبر ثم جاء ابن رشد في الأندلس ليدفع أثمانا أخرى ولم يسلم الطبري، وقد فسر القرآن كما لم يسلم صاحب الظلال سيد قطب فتدلى من مشانق عبد الناصر والقائمة تطول.
هناك بعض الأحاديث والكتابات لا تدخل عقول العامة، فيستثارون بها ليدفع الكتاب وأهل الفكر حياتهم ثمنا لها..
إن العنف لا يولد إلا عنفا ومن حشف الكيل أن يكون العنف والعنف المضاد سمة في منطقتنا العربية والإسلامية والعدو الحقيقي لا يجد ولو تهديدا لفظيا حتى إذا ما جابهه المقدسيون وما حول القدس وجدوا أن المستنكرين والمنتقدين والمثبطين الكثير حتى وصل الأمر إلى اتهام رئيس مصر السابق بالتخابر مع حماس؟
ترى ماذا كان سيكون الأثر لو تجمع كل ناغم على ما قاله عثمان وهتفوا خارج صحيفته.. بلا شك كانت الرسالة ستكون أكبر وكان الرجل الكبير سيتفهمها بأكثر من ضربات خشب البندقية.
أما وقد تلثم المعتدون ونهبوا فإن حالهم أقرب لقطاع طرق ولا يزال حديث المعصوم وسيظل منارة، وقد عاتب الرسول صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد لما قتل أسامة رجلا بعد أن قال لا إله إلا الله (وأين تذهب من لا إله إلا الله يوم القيامة)، وقد أشاح الرسول عن حبه أسامة بوجهه.
[/JUSTIFY]هتش – صحيفة اليوم التالي