ليه ما عرستا المرة الرابعة وخليت الخانة الأخيرة فاضية ؟
أجاب بحصافة الرجال المدردحين:
الخانة دي خاليها عشان نخوف بيها الجوّة ونطمّع بيها البرة !
مواصلة لـ عملية التشريح التي بدأناها بالامس لخانة الزوجة الثالثة والرابعة، فالنستصحب معنا مقولة راجل التلاتة، ولنحاول الاستدلال منها على موقع النصف الثاني من رباعيات التطبيق ألا وهو الزوجة الثالثة والرابعة ..
عندما تستجد بعض المتغيرات على حياة الرجل الزوجية، وينتج عنها عذر من الأعذار المبيحة للتطبيق كـ السعي وراء الإنجاب عموما أو إنجاب الولد تحديدا لمن كانت خلفته من البنات، أو لمرض عضال أصاب الزوجة ولا يرجى الشفاء منه أو حتى يرجى .. ما مشكلة، أو أن يصيب الزوج سهم الحب في مقتل كحال بطلنا بالأمس .. أو حتى أن يرغب في التطبيق ساكت بس .. قريفة وتمومة مزاج !
إن حدثت واحدة من الأعذار السابقة وقرر الرجل الزواج للمرة الثانية، فهذا أمرا عاديا لا يستوجب الوقوف أمامه طويلا، وكل ما سيحدث هو أن يجتهد الأجاويد في تحنيس الزوجة الأولى لترضى بـ القسمو ليها الله، ومناصحة الزوج على توخي العدل والإنصاف وأن يخاف الله في عيالو، ولكن سيتفق الجميع على وضع الذنب كله على عاتق الزوجة الثانية ويتهمها بأنها خطافة رجال وخرابة عامرة وأنانية، تبني سعادتها على تعاسة أخرى مسكينة كل ذنبها أنها لم تحسن المحاحاة على زوجها من جوارح طير البنات الإنتهازيات !
ولكن إن فكر زوج الاثنين في التثليث فلا توجد هناك مشكلة، ولن يواجه بأي نوع من أنواع الإعتراض، بل قد يدعم ويساند ويساعد على إكمال الزيجة كما حكينا بالأمس، أما إذا ما قرر أن (يربع القيود) على منكبيه ويتم الناقصة، فسيمر هذا الحدث عادي ولن يتوقف عنده أحد، وسيكون مثله مثل أخبار الموت اليومي في الباكستان وافغانستان وحوادث الطرق في السودان .. بل قد يقول الزوج لإحدى زوجاته وهو يهم بحمل مفاتيح العربة قبل مغادرته للبيت:
بعد بكرة ما تستنوني لأني حا اتزوج الليلة وقايم القاهرة يومين عسل مع العروس !
فتجيبه الزوجة اثناء إنشغالها بجمع ملابسه المتسخة المرمية على الكرسي:
صحي ؟ سمح عليك الله ما تنسى تجيب لي معاك شباشب من العتبة لتيابي الجديدة .. مش حافظ ألوانا ؟!!
ولكن ما سيتوقف أمامه البعض هو (السبب) الذي يدعو الفتاة للقبول بالخانة الثالثة أو الرابعة، رغم أنهما خانتان غير مستقرتين ولا مستقبل مضمون لهما، وغالبا ما ترضى بالدخول فيها المرشحة للزواج طمعا في ميراث عجوز على حافة القبر أو أن تكون من أسرة بسيطة فتعشم أن يصيبها من العز جانب .. طبعا مافي زول فقران بيخاطر بزواج تلاتة أو أربعة !!
يعني بعلم الجبر .. الزوجة الأولى تقع في المرتبة الأعلى من حيث أهميتها ومكانتها في قلب الزوج تليها الثانية والاثنتان تقعان شمال الفاصلة العشرية، أما الزوجتين الثالث والرابعة فتقعان يمين الفاصلة العشرية .. أي أن الاثنتين من ذوات القيمة الكسرية المهملة في حسابات الزوج ويسهل عليه التخلص منهما بالطلاق .. مش لاحظتو الحكاية دي ؟!!
* عندما تزوج المختار على (فاطمة) زوجته الأولى وأم أبنائه الثمانية، زوجة من بنات المدينة التي يذهب إليها متاجرا واحضر معه عروسه الجديدة (مريم) للقرية، لم يعترض أحد ولا حتى (فاطمة) نفسها، فقد قبلت (مريم) بطيب خاطر وفتحت لها قلبها وبيتها فسارت بهن مركب الحياة باليسر والبركة، وظل (المختار) يهنأ بعيشة الحمل بين نعجتين تتباريان على راحته وخدمته، إلى أن جاء الخبر شايلو النسيم ووشوش إذني (مريم) قبل (فاطمة) بأن المختار قد شرع في تثبيت الشعبة الثالثة في راكوبته !!
لم تهتم (فاطمة) كثيرا ولم يشغل بالها ذلك الخبر كعادتها في (تكل) حمالتها على الله، ولكن تنور (مريم) فار بعطرون الغيرة، وقررت أن تعترض مشروع الزواج وتمنعه بالقوة .. ولحنكة وشفتنة في طبعها فقد قامت بإشعال الغيرة في قلب (فاطمة) واقنعتها بأن العروسة الجديدة صغيرة وجاهلة وستكاوش على قلب (المختار) وماله وحاله، ولن ينوبهما منه غير الفتات، ثم دفعتها لتذهب إلى دكان القرية لإحضار (ظرف) من النوع الذي توضع فيه الخطابات، ثم أعطتها ورقة وقلم وأملتها الخطاب التالي:
– أما بعد:
أحترسي ولا تفكري في الزواج من حاج المختار وإلا سيكون مصيرك هو الموت الزؤام .. والسلام
(حادب مخلص في النصيحة)
وفي صباح اليوم التالي حملت (مريم) الرسالة ووضعتها داخل الظرف الأزرق وذهبت للحي الذي تقيم فيه الفتاة .. نادت أحد الأطفال وأعطته الظرف وطلبت منه أن يسلمه للعروس في يدها ثم أسرعت مبتعدة !!
في المساء عاد حاج (المختار) وفي صحبته (ضوّينا) صاحب الدكان وفي يده ذات الظرف الأزوق، ودون أن ينطق بكلمة أشار له بيده بمعنى أن: تكلم !
فتنحنح (ضوّينا) وهز كتفيه وحك تفّته قبل أن يوجه كلامه لـ (فاطمة) المسكينة المنططة عينيها متل الريال أب عشرة:
هووويي يا فاطنة .. انتي أمبارح مش جيتي اشتريتي مني الظرف ده .. أنا والله عرفتك طواااالي من جاني الحاج وسألني بعتا الظرف ده لمنو؟ وأنا ذاتي سألتا روحي وقلتا ليها فاطنة دي لا عندها زول مسافر ولا قاعدة تكتب جوابات .. سمح اشترت الظرف ده لشنو ؟!!!
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com