الحركة تختـبر ناخبيها في العـاصمة

إمتلأت مدرجات البناء العتيق في دار الرياضة بأم درمان أمس الأول بحشد كبير لأنصار الحركة الشعبية لتحرير السودان، من أجل المشاركة في ليلة سياسية خاطبها نائب رئيس الحركة جيمس واني ايقا، مما يعدُ مؤشرا مبكرا لإستعدادات الحركة لخوض الإستحقاق الانتخابي المرتقب، ورغبتها في منافسة أحزاب شمالية في معاقلها التاريخية، إذ ساهم التمدد العمراني والهجرة السكانية الكثيفة في السنوات الأخيرة للعاصمة الى ظهور كتل انتخابية جديدة تعمل الحركة حثيثا لاستقطابها، فضلا عن مساندتها لكتلة إنتخابية كبيرة كانت منسية في داخل الأحياء القديمة للعاصمة خاصة في مناطق مثل (منطقة ابوعنجة) الشهيرة في مدينة أمدرمان القديمة.
وتؤشر الليلة السياسية للحركة الشعبية الى قبولها الانخراط في السباق الانتخابي المقبل رغم ما أعلنت عنه من اشتراطات تتعلق بتعديل تسعة قوانين مقيدة للحريات، حيث بدا أن الحركة قد أغرتها بالفعل الجماهير الكبيرة لأبناء الجنوب في العاصمة الخرطوم ومؤيديها الذين احتشدوا بدار الرياضة، لخوض السباق الانتخابي دون خشية تعرضها لخسارة مواقعها السياسية في الشمال، حيث باتت الحركة تفكر جديا في الحصول على أكبر قدر من الدوائر الانتخابية في العاصمة التي تضم 60 دائرة انتخابية (جغرافية ومرأة وتمثيل نسبي)، وفي حال نافست الحركة بقوة للفوز بنصيب كبير في دوائر العاصمة الانتخابية فإن حصتها تبدو مضمونة في السلطة المركزية كما نصت اتفاقية نيفاشا، وغير ذلك فإن حظوظها تبقى متوفرة على صعيد دوائر إنتخابية أخرى في معاقلها بجنوب البلاد ومناطق تحالفاتها في النيل الازرق وجنوب كردفان.
وخلال المخاطبات التي شهدتها الليلة السياسية، فإن قيادات الحركة تبدو واعية بأهمية التنافس الانتخابي في العاصمة، حيث ذكر المتحدث الرئيسي في الليلة جيمس واني ايقا، أن التغيير الذي ترغب الحركة في إحداثه بالسودان ينطلق من الخرطوم (المركز)، وتحدث بشكل عام عن أهم ملامح برنامج الحركة الانتخابي في الشمال معددا كثيراً من القضايا المرتبطة مباشرة بمؤيدي وانصار الحركة في الشمال، وابرزها موضوعات التعليم والإسكان والحصول على الخدمات والشعور المتعاظم لديهم بالفوارق المادية مع فئات اخرى في مجتمع العاصمة، وركز إيقا بشكل كبير على قضايا المرأة، حيث تلاحظ الحركة بشدة أن غالبية مناصريها من النساء وغالبيتهن من اللائي يتعرضن لظروف معيشية قاسية، وبعضهن يرزحن في السجون بسبب القوانين التي تحظر بيع وتداول المشروبات الكحولية، وهؤلاء كتلة إنتخابية لا يمكن الاستهانة بها في تقدير كافة المراقبين، خاصة إذا استطاعت الحركة الشعبية استقطابهم وتنظيمهم سياسيا وحثهم على الانخراط في عملية التسجيل الانتخابي المقرر أن تبدأ مطلع الشهر المقبل.
وكل ذلك لم ينس ايقا وهو أيضا مسؤول الحملة الانتخابية للحركة، أن يذكر باشتراطات حزبه لخوض العملية الانتخابية، مشيرا الى ان الحركة لن تتراجع عن موقفها بشأن ضرورة تعديل تسعة قوانين أهمها قانون الامن الوطني وقانون الاجراءات الجنائية، تمهيدا للانتخابات.
لكن مراقبين على دراية بتفاهمات الشريكين خلال الفترة الماضية خاصة حول قانون الاستفتاء، يستبعدون أن تكون القوانين الـ9 التي أشترطها ايقا، عائقا أمام مشاركة الحركة الشعبية في الانتخابات المرتقبة، حيث ظل الشريكان على الدوام يصلان الى نقاط مشتركة حول خلافاتهما بشأن القوانين كما حصل ذلك بالفعل بشأن قوانين الانتخابات والاحزاب والصحافة التي صادق عليها البرلمان بموافقة نواب الحركة الشعبية.
ورغم ذلك، شدد إيقا على ضرورة التمهيد للانتخابات القادمة بمعالجة القضايا العالقة في اتفاقية السلام الشامل، وقال إن الحركة الشعبية لن تخوض الانتخابات في حال لم تنفذ مقررات مؤتمر جوبا، معتبرا اتفاق الشريكين حول قانون الاستفتاء تقدما كبيراً في تفاهمات الشريكين.
وأكد ايقا أن الحركة لن تتخلى عن استعداداتها للانتخابات القادمة رغم الصعوبات التي تواجه تنفيذ اتفاق السلام الشامل وعملية التحول الديموقراطي، وقال إن استعدادات الانتخابات ستتواصل خاصة في مدن العاصمة الثلاث، داعيا قطاعات المرأة والشباب الى الانخراط في الحركة الشعبية في حال لم تجد حقوقها كاملة في الاحزاب السياسية الاخرى، وكانما إيقا يراود مناصري حركته في الأحزاب الشمالية التي تعتبر مناطق في العاصمة معاقل ودوائر انتخابية مقفولة لصالحها في اي عملية إنتخابية تجرى، وقد اعرب ايقا عن بالغ سعادته بالحشد الكبير الذي حضر الليلة السياسية، وقال إن حملة الحركة الانتخابية لم تبدأ بعد ولكن حجم الحضور الى دار الرياضة كان اختبارا حقيقيا لقياس قواعد الحركة في العاصمة ومدينة ام درمان على وجه التحديد.
كما تحدث في الليلة السياسية رئيس الحركة الشعبية بولاية الخرطوم بول رينج الذي اكد على استعداد الحركة لخوض الانتخابات المقبلة في الولاية، وذكر أن الحركة ستهتم بقضايا الحريات والمهمشين في اطراف المدن الثلاث والتصدي لماوصفه بالهجوم الاستثماري على اراضي سكان العاصمة الاصليين، مؤكدا تركيز الحركة على العاصمة في الانتخابات المقبلة باعتبارها الاساس لحكم البلاد كلها، مشيرا الى أن الحركة ستعمل على الحصول على اكبر عدد من الدوائر الجغرافية خاصة في مناطق نفوذها بأحياء الخرطوم القديمة ومناطق السكان المتأثرين بسياسات حزب المؤتمر الوطني.
وأعتبر نائب الأمين العام للحركة الشعبية ورئيس قطاع الشمال ياسر عرمان، المشاركة الواسعة لجماهير الحركة في الليلة السياسية، بأنها (برو?ة) لتدشين الحملة الانتخابية للحركة، وقال إن قطاع الشمال سينظم حملة انتخابية لم تشهدها العاصمة من قبل، داعيا المؤتمر الوطني الى التخلي عن سيطرته على أجهزة الدولة المختلفة ومن بينها التلفزيون والاذاعة القومية، واتاحة الفرصة للاحزاب لممارسة نشاطها السياسي بحرية.
وخاطب الليلة السياسية، القيادي بالحركة ادوارد لينو محذرا من محاولات التزوير والارهاب في الانتخابات المقبلة، ودعا انصار الحركة الى التصدي لكافة محاولات الارهاب وشراء الذمم خلال العملية الانتخابية، وقال انه شخصيا حاول الترشح في إحدى الدوائر الانتخابية بمدينة امدرمان في الانتخابات السابقة ولكنه واجه بمضايقات اجتماعية وثقافية، متوقعا ان يواجه مرشحو الحركة بمضايقات مماثلة في الانتخابات المرتقبة.
خالد سعد :الصحافة

Exit mobile version