تُغريني وحدتي باستهلاك النعاس.. بالبحث عن نظرتك الأثيرة في عيون الناس.. بالإصغاء لبقايا خطواتنا في كل خطوة على التراب.. تبتعد بي قافلة الأيام في أفق العمر.. وتبقى الآثار فوق رمال التيه.. أتشبث بأطياف الذكريات الهاربة.. أُلاحق أصداء الهمس في انهمارات المطر الذي ينادي عبر تيجان الزهور.. أطوف في أروقة الخيال سائلة عنك مسالك القطرات على ورق الغابات.. في مزاريب الشرفات على العشب المنفي إلى الهضاب..
أهيم مع الغيث بوحا لأنثر كل حرف أو لفظ نطقت به.. على براعم مسارات المساء.. على أحواض الأقحوان لتصدح باسمك المفقود شوقا.. فيتردد صدى صوتك ويقول: ها أنذا بقربك وطناً..
أتعلم؟ إنك الحضور المتوج بالعطر، مهما بعدت فلن أغلق طرقات الشوق إليك.. واللهفة إلى شاطئ وعودك..
لا أعرف كيف أكافئك.. كيف أعبر عن امتناني؟.. فمنذ عرفتك تغيرت حياتي.. أصبحت إنسانة أخرى.. إنسانة ذات قوة خارقة تستطيع أن تُحلق في السماء وأن تلمس عصب السماء.. وتنتقي أجمل النجوم وتصنع منها عقودا تزين بها أعناق العشاق والحالمين..
أستطيع أن أُراقص على أناملي كلمات الحب وأصنع منها ما أشاء..
أستطيع أن أتحول إلى همس ونداء خفي فوق شفتيتك كلما اشتد بك الشوق واحتجت إلى مفردات تحتمل أشواقك..
وأستطيع أن أتحول إلى قاموس يحفظ مفرداتك ويشرحها ويفسرها ويعيدها إلى أُصولها..
## كيف أكافئك..؟ وأنت الحضور الدائم المُبهج.. عطاياك محبة وطلتك رحمة وذكرك طمأنينة..
تعودت احتوائي وقلبك يتسع لي رغم ضيق الدنيا.. أنت من تفعل ذلك خصوصية لي لم يعرفها عاشق آخر.. أنت وحدك من القلب إلى القلب.. فحين أضرب صدري تتدفق أنت من عروقي.. حباً وولها وعشقاً..
أدين لحبك الذي صنع مني وردة متفتحة تكتنز بأجمل أنواع العطور..
أدين لعطفك الذي احتواني امرأة لها كيان مختلف وفكر مختلف وحب مختلف..
أدين لاحتوائك لي ووقوفك إلى جانبي وأخذك بيدي لتقيني شر عثرات الطريق.. وتقلبات الأيام وتلوّن شتى الظروف..
كيف أكافئك؟.. وأنت بحر لا ينضب من الحب والحنان.
كيف أكافئك؟.. وأنت درع وملجأ وحضن أمان..
هل تعلم أنك أعدت التوازن إلي؟ فقبلك كنت كالضال في طرقات الله.. وقبلك كنت كمن كُبّل بأغلال وحديد تئن من حملها العروق والشرايين والأوردة.
وقبلك كنت كاللحن الشارد في الآفاق يبحث عن كلمات وصوت وصدى..
أتعلم.. أنني أصبحت الكثافه في عشقي إليك؟.. أتكيف مواصلتي في دمك.. وأنا أعرف دمي جيداً إنه من فصيلة لا تقبل إلا التميز.. فحظي أنك الوجود بالبهاء وأنك رجل غير مساري وعطل وجعي وراهن على أنه سينسيني مذاقات الألم وأنين الوجع..
أكافئك كيف.. وأنت سري الأعظم؟.. كيف أكافئك.. وأنت عيدي بكل ما أذكر من العيد.. وبكل ما تحمله كلمة العيد من الفرح الحاضر ومن الحزن المؤجل الغائب.
كيف أكافئك.. وأنت من وجدني بينما كنت أبحث عن بقايا قلبي المأسور لدى وتر الذكرى؟.. وأنت من أنزلتني من شرفات الذكرى البالية والتى مكثت بها أعواما وأنا في غيبوبة الذكريات .
وأخيراً أدركت أن لكل شيء معيارا.. إلا الحب فلا معيار له، لا.. فلا يمكن أن نزن الحب الصادق بميزان أو ثمن.. الميزان الوحيد والثمن الوحيد للحب يتجليان في التضحية.. من يحب يضحي ومن يضحي يحب.. وأنا أدركت أنني بدونك لا أكون.. فعليك السلام من قلبي وروحي وعليك السلام من يدي وقلمي الأزرق الجاف الرومانسي..
** آخر السطر **
لم تُتح لي لغات الأرض كلها
كلمات أستطيع أن أكافئك بها..
(أرشيف الكاتبة)
كلمات على جدار القلب – صحيفة اليوم التالي