كوميديا سوداء

[JUSTIFY]
كوميديا سوداء

تبدو الأعمال الإدارية والبرلمانية والسياسية الماثلة وكأنها فصول من مسرحية تتوسل الكوميدياء السوداء للترفيه عن الحضور الكريم و(غير الكريم)، طبعاً مع الفارق التعريفي (الاصطلاحي) للفسطاطين، فالكوميديا السوداء – كما هو شائع ومبذول تدور حول عناوين لتابوهات تُجير موضوعاتها المثيرة للحزن والحنق إلى قوالب فكاهية ساخرة، لكنها لا تبتذل نفسها لدرجة تفقدها صرامة وجدية التناول. وأشهر موضوعات الكوميديا السوداء هي الموت والانتحار والحرب والإرهاب والعنف والجريمة والمخدرات والخيانة الزوجية والجنون والعُنصرية والشوفينية، وكل ما يحُط من أقدار البشر والمُجتمعات.

لكن الكوميديا السوداء في الأعمال السياسية والإدراية والبرلمانية هنا في السودان تشتبك مع ذلك التعريف الذائع في معانٍ وتنفض عنه في أخرى، بيد أنها شديدة الشبه به إلى حدود المثل القائل (يخلق من الشبه أربعين).

وحين تلتقط أنفاسك لتستعيد من أجل المقاربة صورة رئيس البرلمان وهو منخرط في طرد رئيس كتلة الشعبي تحت القبة، تعرف أن سياسة (الفكي) هي السائدة، وحين تمضي موغلاً في كوميديا السياسة، تأخذك كوميديا الإدارة إليها أخذ عزيزٍ مُقتدر، فتقرأ (منع العضو المنتدب لشركة سكر كنانه من دخول مقر عمله، والشركاء يحتجون). فتنظر لترى من هم الشركاء، فإذا بالكويت والسعودية على خشبة المسرح.

تتحسس رأسك، تضغط عليه قليلاً، ثم ومن الذاكرة القديمة تومض بعض التعريفات الأكاديمية فالعضو المنتدب هو موظف يُعينه مجلس الإدارة ويكون غالباً أحد الملاك (المستثمرين) لكنه في بعض الشركات لا يملك أسهماً ويمارس وظيفته بموجب (عقد عمل)، وبهذا التعريف فإنه منصبه أعلى من منصب المدير العام، ولا تجوز إقالته إلا بعد الرجوع إلى الشركاء (مجلس الإدارة) .

لذلك بدت لي إقالة ومنع (المرضي) من ممارسة عمله، وبالنظر إليها من زاوية حقوقية، ثم وضعها في قالب فكاهي، وكأنها (فاصل مسرحي) مُبهج يُخبئ داخله (أحزان السنين)، بدت لي وكأنها كوميديا سوداء، إذ اخترقت تابوهات التعريف الإداري للوظيفة موضوع النزاع.

ما في الأمر أن وزير الصناعة أصدر قراراً بإنهاء عقد العضو المنتدب (تقرأ إقالته)، بينما رفض الأخير تنفيذ القرار (غير القانوني) من وجهة نظره ومن وجهة نظر القواعد المرعية في حالات كهذي. وهنا قامت القيامة وكاد الموقف أن ينفجر – بحسب خبر الزميلة (سلمى معروف) على أولى أمس من يوميتنا هذه، حيث مُنع العضو المنتدب عنوة وقوة من دخول مقر الشركة، ما حدا بالشُركاء الكويتيين والسعوديين إلى الدفع بمذكرة إلى رئاسة الجمهورية يشكون من عدم قانونية قرار الوزير (السميح) ويحذرون من مغبة تأثيره السالب على مصير الشركة وعلى كل أوجه الاستثمار في البلاد.

أليست هذه كوميديا سوداء؟ لماذا لا يدرس متخذو القرار في هذه البلاد قراراتهم بدقة وأناة قبل إطلاقها وتنفيذها، وكفاية تجريب في مواقف المواصلات (ودوها شروني جابوها كركر نقلوها جاكسون، استقرت في الاستاد)، هسي كمان جابت ليها تجريب في شركات اقتصادية عملاقة.

وربنا يستر

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version