قد يقول قائل: لماذا كنت ساكتاً طوال هذه المدة ولم تدلِ برأيك وخاصة أنت ومن حقك المساهمة بكلمة قد يكون له التأثير على مجريات الرأي السائد، فأقول بأنني أمتنعت عن الكتابة في ذلك الوقت لأن الجو السائد كان ممتئلاً بالشحنات العاطفية السياسية التي جعلت هناك فريقين: الأول فريق يرى ما حدث بعين مساوئ حكومة الإنقاذ التي لم تترك إستخدام الفاس منذ أول يوم لها ضد كل من ليس مؤيداً لها، والفريق الثاني يرى كل ما حدث هو الإصلاح بعينه ولا بديل له ليس بسبب القناعة بصحة الإجراءات المتخذة في حق الدولة لكن ما دامت القرارات صدرت وتم التوقيع عليها من قبل قادة الإنقاذ الوطني فلا غبار على ما صدر وهي ناصعة البياض لا تقبل الخطأ.
نعم كان الجو السائد عبارة عن صراع مؤيدي ومعارضي القرارات الحكومية دون إستخدام المنطق والموضوعية.
سأقول رأيي أولاً قبل شرح أسبابي التي جعلتني أقف في الجهة سيتضح لك بعد قراءتك الكلمات أدناه. فأنا ضد تمديد فترة من يقال لهم (الخبرات) وإدعاء بأن الحكومة تخلّصت من الكفاءات النادرة.
الذين نزلوا المعاش إذا حاولنا تقدير فترة عملهم سنجد أقلهم فترة يخدم الدولة لن يقل عن (30) عاماً بإفتراض أن أغلبهم توظف وعمره كان (30) عاماً.. ولأننا نتحدث بالإفتراضات فهؤلاء توظفوا ما بين عام 1975 م وعام 2005م.. وبالإبتعاد قليلاً بالذاكرة إلى مقارنة بسيطة بين الخدمة المدنية في السودان قبل ثلاثين عاماً والآن نجد أغلب الآراء تقول بأن الخدمة المدنية تدهورت جداً، وكل الحقائق التي أمامنا تشير إلى ذلك، وبدلاً من التطور نجد أن البلاد كل يوم تسير نحو الأسوأ فلماذا لم يقدِّر الجيل الذي خدم خلال هذه الفترة الفائتة على تحقيق إنجازات أفضل مما حققه السابقون؟ أين هي الإنجازات التي نتحدث عنها وكل ما قابلنا شيخ كبير نجده يبكي على ماضي البلاد حتى أن البعض يتمنى لو أن الإنجليز استمروا في حكم البلاد؟.لماذا فشلت النخبة السودانية في تحقيق التنمية وظلوا يتمنون تحقيقها فقط؟.
من جانب آخر هؤلاء الذين نبكي عليهم الآن هم الذين ظلوا يسيطرون على كل شيء، فحتى الكورسات والتدريبات في المصالح الحكومية تجدها محصورة بين أفراد معينين دون إفساح المجال للجيل التالي… وهذا يعني بصريح العبارة فشل الكثير ممن نبكي عليهم اليوم في تدريب البديل وتهيئته لخلافته بل إنه يتعمد بعضهم إخفاء المعلومات عن الجيل التالي حتى يظل هو صاحب الكلمة العليا على الدوام.
وأما إذا سمح لنا الحديث عن المؤسسات الحكومية فهناك أمور مخجلة جداً أقلها الفرص التي تضيع على البلاد، فالكثير من مديري المصالح نجدهم محتكرين الرحلات خارج البلاد دون غيرهم او فئة محددة تعرف قول (نعم) لكل ما يقول.
المهم إذا لم يتحرك هؤلاء من مناصبهم فمن أين سيكتسب شباب اليوم خبرة؟ وهل سنبقى شباباً إلى الأبد؟.[/ALIGN]
لويل كودو – السوداني-العدد رقم 946- 2008-07-02