بكل المقاييس لا يمكن مقارنة المواجهة البرازيلية الألمانية بالمواجهة الهولندية الأرجنتينية، فالأولى كانت «مجزرة انتهت خلال النصف الأول من الشوط الأول»، وكانت من طرف واحد في سابقة تاريخية في نصف نهائيات كؤوس العالم، أما الثانية فكانت متكافئة جداً، وكان الفوز ممكناً لأي من طرفيها، ورغم نتيجتها السلبية في الوقتين الأصلي والإضافي، فإنها تحتمل الكثير من التحليل والكلام، فهي المباراة الأولى التي رأيت فيها هيبة الأرجنتين بكل نجومه وليس بشخصية لاعب واحد وحيد هو ميسي أو دي ماريا الذي كان غيابه ملحوظاً ومؤثراً خلال هجمات هولندية، كادت تغير شكل الفائز لولا تألق الحارس سيرجيو روميرو.
المشكلة أننا لم نكن نضع هذا الحارس بين عمالقة حراس المونديال، لدرجة أن ابني كرم الذي أكمل عامه الثاني عشر، والذي يشجع ألمانيا كان يحاججني طوال الوقت بأن الألمان لديهم «سوبر حارس»، هو مانويل نوير، وأن أي منتخب أو فريق يريد أن يتوج بلقب، يجب أن يكون لديه حارس عملاق مثل نوير، ولم يكن روميرو من ضمن هذه القائمة، أو حتى القائمة التي أبهرت في المونديال، مثل المكسيكي أوتشاوا، أو حارس تشيلي كلاوديو برافو، أو أميركا تيم هاوارد، أو حتى حارس هولندا الأساسي ياسبر سيليسين.
وهنا «مربط الفرس»، أي الحارسين سيليسين وروميرو، فكلاهما حمل وزر المباراة كاملة، عندما وصلت الأمور إلى ركلات الترجيح، والعالم يتذكر واحداً من اثنين، إما نجم أضاع ركلة «كما فعل سابقاً باجيو وزيدان وجيان»، أو حارس منح الفوز لفريقه «كما فعل كرول في المباراة السابقة لهولندا».
وقبل إعلان نهاية الوقت الإضافي الثاني تساءلنا، هل سيُغير فان جال حارسه سيليسين بكرول، كما فعل أمام كوستاريكا، ولكنه لم يفعل وأبقى على الأساسي الذي خرج غاضباً في المباراة السابقة، وأعتبر أن مدربه فان جال لم يحترمه، ولم يحترم تاريخه، وحتى ما فعله في المباراة نفسها، وربما يكون فان جال أخطأ بالإبقاء عليه في مواجهة الأرجنتين، وربما يكون هو من هزم نفسه بنفسه، عندما صرح أنه هو من علّم روميرو، كيف يتصدى لركلات الترجيح عندما درّبه في الكامار الهولندي، وهو تصريح ما كنت أحب أن اسمعه من مدرب بحجم فان جال الذي يجب أن يرفع العقال للحارس الذي حفظ درسه جيداً، وعرف أين سيسدد منافسوه الكرة فصد اثنتين كانتا كافيتين لوضع بلاده في مواجهة ماكينات الرعب الألمانية يوم الأحد على لقب ثالث للأرجنتين أو رابع لـ «المانشافت».
ويبقى في خاطري سؤال أحب أن أوجهه لفان جال لو رأيته، وهو هل غلبته العاطفة عندما أبقى على سيليسين، أم أنه تقصّد أن يمنحه الفرصة كي يثبت نفسه بعدما خرج غاضباً المرة السابقة، وهل اعتبر فان جال أن حارسه يملك كل الدوافع والحوافز كي يكون نجم المباراة دون منازع بعد آخر تغيير؟
[/JUSTIFY] [email]Agha2022@hotmail.com[/email]