ظل في الحالة من الانجذاب الوجداني والاستمخاخ، وامتلأ اعجابا بصدى صوته وغنائه (دويتو) مع الفنان حتى انتهى النشيد، فانزلق من السرير وسار حتى وصل لشقيقه الكبير (أحمد) الراقد باسترخاء في الغرفة المجاورة .. ناداه ليسأله في براءة:
– أحمد .. يا أحمد
– أهاا .. مالك؟
– انت الزول لو عايز يبقى فنان .. يمشي أدبي ولا علمي ؟!!
تطلعات (مصطفى) ابن عم العيال وسؤاله لشقيقه عن المسار الأكاديمي الذي سيقوده ليصبح (فنانا)، أرجعني بالذاكرة لموقف مشابة لصغيرة جارتنا، فعندما قامت أمها بفتح التلفزيون ذات أمسية، انطلق منه صوت الفنان (نور الجيلاني) يصرخ مناديا على (كدراويته) .. أدارت الصغيرة رأسها بسرعة ناحية التلفزيون وتركت ما في يدها من إلعاب وإستلقت على السرير لتتابع الأغنية وهي تقول بولهه شديد وتسبيلة عيون:
هيي .. ده نول الديلاني !!
وبعد أن أكملت استمخاخها بآخر (آه) من الأعماق مع (كدراوية يي يي يـ يا) طلبت من أمها أن تمشط لها شعرها ضفائر عندما تكبر كشعر (نور الجيلاني) حتى تصير مغنية مثله !!
أمانيات هذان الصغيران وتصورهما لمستقبل:
( يا ترى ماذا أصير عندما أغدو كبير)؟
يرجعنا لما بدأناه بالأمس من نقاش حول التعليم وتدني المستوى الثقافي والاكاديمي للخريج الجامعي، فأنا لا أتخيل أن هناك طالب (بليد) أو يعاني من ضعف القدرات العقلية ورغم ذلك أستطاع الوصول للمرحلة الجامعية، ولكن أعتقد أن المشكلة تكمن في قصور مركب، نتج عن فشل النظام التعليمي وقبله الأسرة في إعطاء الطالب فرصة، لإكتشاف ذاته وما يمتلكه من مواهب وقدرات فكرية أو بدنية أو حتى صوتية، ثم العمل على تنميتها وصقلها بالرعاية والتوجية الأكاديمي السليم ..
مشرفة رياض الأطفال ثم (أبو/ أم الفصل) هم أول من يستطيع أن يرصد ويقيم ملكات ومواهب طلابه/ها، فقد لا تتيح الفرصة للأسرة مراقبة توجهات الطفل بنفس الطريقة التي تتيحها لمعلمه في الصف، حيث يمكن للأخير أن يراقب تفاعلات الطفل مع من حوله ، فيميز بينهم من يمتلك صفات القيادة من المسكين (الما عندو شدايد)، والاجتماعي المتفاعل مع الآخرين من الإنطوائي المنعزل في ركن الفصل وغيرها من الصفات، وبالتالي تكون ملاحظاته عن سلوك طالبه للأسرة في محلّها ونافعة في توجيه مستقبله ..
هذه المهمة الخطيرة للمعلم يعوقها الان اكتظاظ الفصول المدرسية بصورة يستحيل معها للمعلم أن يحفظ وجوه طلابه، ناهيك عن حفظه لأسمائهم أو رفاهية رعاية ملكاتهم، وبالتالي صارت ملحوظة (أبو الفصل) في نتيجة كل طالب نهاية العام (موحدة):
مهذب مجتهد في دروسه .. نتمنى له دوام التوفيق
يدونها المعلم بصورة تلقائية في جميع النتائج، بنفس تلقائية ناس الجوازات في وصفهم لحامل الجواز:
طوله خمسة أقدام أسمر وعيونو عسلية ويشكو من شوية (تقل) في إذنه الشمال كما يبدو في الصورة أعلاه !!
حدثنا مولانا (عبيد حاج علي) أن أستاذهم في المدرسة كان يخبرهم عن رؤيته من بينهم لـ الطبيب والقاضي والقائد والمهندس ولاعب الكرة والسبّاح وو ، لأنه كان على علاقة ومعرفة وثيقة بكل طالب منهم بل ومع أسرته ..
هكذا كان المعلم (الزمان) وهكذا يجب أن يكون معلم اليوم .. تحسين البيئة الدراسية وزيادة عدد المدارس والفصول بحيث لا تحمّل ما يفوق سعتها بثلاثة أضعاف، مع الإهتمام بتأهيل المعلم وإعطائه حق عرقه وجهده كاملا غير منقوص .. جزء من الحل والباقي بيجي مع التساهيل المن الله.
تخريمة جوة الموضوع:
هسي أنا كان لقيت أستاذة تكتشف نقتي دي من زمان، مش كان أحسن من هريتي بالكيمياء الحيوية ؟!! أهو بعد سنوات من الحكحكة في الكتب، تراني موهطة في البيت وماسكة اللاب توب وقاعدة أملا فيكم نقة .. حكمة !!
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com