** رغم السلام والأمن ، ورغم المطر والسهول الممتدة ، أبت نفس المسماة – سياسيا وإعلاميا – بالجفوة الغذائية إلا أن تطل بقبحها هناك ، في شمال كردفان ..وتحدث واليها الجديد ، محمد أحمد أبوكلابيش ، عن تلك الفجوة بصراحة رسمت الإستياء في وجوه بعض الحاضرين ، ولا أدرى إن كان مرد الإستياء هو الفجوة أم فضيلة البوح بها ..؟..فالمهم ، تحدث الوالى بعامية فصيحة نجحت أن تسمي الأشياء بأسمائها ، حيث قال نصا : ياجماعة هناك في جوع ، وفجوة حادة في الذرة ، ونقص حاد حتى في التقاوي ، وانتاج عام 2008 كان متدني ، ولازم نعمل حاجة ونصل لي حل سريع قبل ما الأمور تتأزم ..هكذا تحدث مستنجدا بمجلس الوزراء ..!!
** فيما بعد بحثت عن تقرير يشرح حديث الوالي بلغة الأرقام وأسبابها ، فوجدت ما يلي في تقرير الأداء : .. حيث زرعت الولاية في موسم 2008 (4.2 مليون فدان ) ، بزيادة (8% ) عن الموسم 2007 ، حيث زرعت فيه (3.8 مليون فدان ) ..ورغم الزيادة في المساحة المزروعة ، نقص الإنتاج بلغ ( -25 ) .. حيث بلغ الإنتاج قبل الزيادة (220 الف طن ) ، وتراجع بعدها الى ( 166 الف طن ) ..فالتدني واضح ، والسبب كما جاء في التقرير الولائي : عدم وجود مشاريع زراعية آلية كبيرة ، وضعف الأمطار ..حسنا .. فالأمطار بيد رب السماء ، فليتسول إليه المزارع بالدعاء ، ولكن عدم وجود مشاريع زراعية قوامها الآلية الحديثة في إقليم زراعي بحجم كردفان – شمالا وجنوبا – يعد نوعا من التواكل الحكومي ، أو قل : الإهمال واللامبالاة .. فالولاية مستقرة ، والسلام باسط وكذلك الأمن ، والأرض على مد البصر من كل ناحية وصوب ، فما المانع لنقل التقانة الحديثة بآلياتها إلى هناك لتحل محل ( الملود والطورية والمنجل )…؟..لا شئ يمنع ذلك غير عدم ترتيب ..(قائمة الأولويات )..!!
** وتلك قائمة تكشفها بنود الصرف الموضحة في ذات التقرير الولائي لشمال كردفان ، حيث جملة ماصرف على الفصلين – الأول والثاني – تقدر نسبتها بـ ( 85% ) ..وماصرفت على التنمية فقط ( 15 % ) ..من إجمالي مصروفات الميزانية .. وأمام أرقام كهذه ، طبيعي جدا أن نسمع بما يسميها التقرير بالفجوة الغذائية ..وكذلك طبيعي أن يتحدث الوالي عن حال التعليم بولايته ، وهو حال لايختلف كثيرا عن حال الزراعة ، حيث قال : البيئة التعليمية متدهورة ، وأكثر من مائة وثمان وعشرين مدرسة لاتزال مبنية بال ( قش ) ..وعجز في الإجلاس بمرحلة الأساس بنسبة (45% ) .. وعجز في الكتاب المدرسي بالأساس بنسبة ( 48% ) .. وعجز فى المعلمين المدربين بالمرحلة الثانوية بنسبة ( 61% ) .. وبمرحلة الأساس أيضا يبلغ العجز فى المعلمين المدربين نسبة ( 45 % ) ..وهكذا الملامح تبدو غير سارة ، ودون الطموح ..وكما تحدث أبوكلابيش عن أداء السابقين بهذا الوضوح الحميد ، حتما ستتحدث قادمات الأيام والتقارير عن أدائه أيضا .. ولذا ، عليه أن يجتهد في سد هذا العجز بترتيب قائمة الأولويات ، بحيث تتصدرها : الزراعة والخدمات
…وبالله التوفيق
إليكم – الصحافة الثلاثاء 26/05/2009 .العدد 5716