كما انتجت القنديلا والشهيد محمد صالح عمر، صدّرت جزيرة بدين للمشهد الفكري والسياسي السوداني أيضاً الوزير والبرلماني ورجل الاقتصاد والحياة العامة السيد عز الدين السيد..
*الأقدار وحدها هي التي ساقتني أمس الأول إلى دار الرجل السيد بالخرطوم اثنين، كنت لحظتها بصحبة الأخ الأستاذ عبد الوهاب محمد أحمد الأمين العام لمجلس إدارة بنك العمال الوطني واحد المهمومين والناشطين في القضايا العامة، وبرغم أن طابع الزيارة كان اجتماعي صرف ذلك للاطمئنان على صحة الرجل الأب، إلا أني وجدت نفسي وقلمي ومهنتي أمام كنز تاريخي ومعلوماتي من العيار الثقيل، ربما قل أن تجد له نظيراً الآن بطول ساحتنا السياسية وعرضها.
عاش عز الدين السيد متعه الله بالصحة والعافية بعض عصر الأزهري وزيراً ونائباً برلمانياً، وكل عهد مايو، الذي سجل فيه درجات قياسية في العطاء والنبوغ، فعلى الأقل قد قفز الرجل السيد من رئاسة مجلس الشعب القومي إلى رئاسة اتحاد البرلمانيين الدولي، كأول شخص من الشرق الأوسط وأفريقيا ينتخب لهذا المنصب الدولي الخطير، يومها تمكَّن السوداني عز الدين السيد من التفوق على منافسيه الشرسين السويدي أركسون والبلجيكي كوفلير اللذين يعتبران من المؤسسين لهذا الاتحاد.
*أكثر ما أطربني في تاريخ الرجل أنه هو شخصياً من صادق على فكرة جامعة أفريقيا العالمية، ومن ثم اختار لها هذا الموقع الفسيح في هذا المكان، هذه الجامعة التي أصبحت فيما بعد الرافد الأساسي للدعوة والعلم والنور في مجاهل القارة السمراء، على أن أجيال خريجيها الآن تشارك في إدارة دول أفريقية بأكملها، ثم من هنا انطلقت فكرة مشروع مصحف أفريقيا..
*غير أن عز الدين السيد يعتبر الأب الشرعي لمؤسسة بنك العمال الوطني التي حمل فكرتها من داخل مؤسسة مجلس الشعب وأسس آليتها الأولى، غير أن في سِفره الاقتصادي بنك الشمال والبنك الوطني للتنمية، فضلاً عن تأسيسه وزارة الصناعة وصولاً إلى رئاسته لاتحاد العمل السوداني لفترة معتبرة مشهودة.
*وفي حقل التعليم، مورده الأول الغرب، غير جامعة أفريقيا، كان له سهم في إنشاء كلية الأحفاد الجامعية، فضلاً على رعايته لجامعة دنقلا التي لا يزال يرأس مجلس إدارتها..
*اقترحت على الأخ عبد الوهاب وهو الذي زودني ببعض محطات حياة الرجل ومسيرته اقترحت عليه تبني (مشروع تكريم) لرجل هو بعض كتاب تاريخنا وبعض ثروتنا القومية وحاضرنا واستلهام مستقبلنا، فالاحتفال بأمثال العلم عز الدين السيد هو احتفال بوطن وتاريخ وقيم ..
*غير أنك ستحتار في الجهة التي تضطلع بقيم هذا الوفاء، البرلمان وكان الرجل برلمانياً محلياً وعالمياً، مجلس الوزراء وهو من أرسى بعض الموجهات الأولى واللبنات لبعض وزاراتنا، أم سيحتفل به الاقتصاديون أم التربيون؟ هو بعض ذلك وكل ذلك، أم الاتحاديون أو قُل المايويين والإسلاميين، لكن الأبلغ والأوسع هم السودانيون.
*وأصدقكم القول بأني أستهدف من وراء أدبيات الاحتفال بإسهام الرجل، استهدف قيمة وطنية تحتاج لمزيد من الترسيخ هي الاحتفال بالوطن عبر هذه الشخصيات التي تمثل ذاكرته ووعيه وقيمة..
*أتعشم في أن أظفر بشرف المبادرة لعمل قومي قيمي.. تكريم الوطن في شخص رجل يحمل بعض أنفاس الأزهري، وأتصور أن كثيرين سينهضون ويتصدون لهذا الدور لكونهم أعرف مني..
[/JUSTIFY]ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]