من وأد الجامعات

من وأد الجامعات
[JUSTIFY] * إذا أردت كتابة نعي مؤثر لحال معظم طلاب الجامعات السودانية تنهمر له الدموع مدرارا، فما عليك سوى تكبد المشاق وزيارة إحدى الكليات الجامعية لترى ما لا يخطر على بالك أبداً.!!

* إذا كنت ترغب في تجريد جامعة الخرطوم من لقب (الجميلة ومستحيلة) في زمن ترديد الرجال لأغنيات من شاكلة (جناي البريدو)، فما عليك سوى دخول (حوش) إحدى الكليات دون أن تضع قيمة ورهبة وقدسية لـ(الحرم الجامعي)..!

* قبل حلول شهر رمضان المعظم بأيام قادتني قدماي -سامحهما الله- مضطراً لزيارة كلية جامعية معروفة، فبلغت دهشتي مداها، ولامس ذهولي سقفه الأخير.!!

* هرولة الصبية، و(عبثية الشُفع)، والركض غير المبرر، و(جري أولاد وبنات سنة تالتة ابتدائي زمان) كان حاضراً. (هذار غريب ومشاغلات أولاد صغار) لم يشفع لهم شيء سوى تواضع العقول وصغر الأحجام.!

* تأملت عددا من المشاهد أمامي، وضحكت حد الفجيعة في بلد لم يعد فيها شر البلية مُضحكاً، فالواقع الاقتصادي و(قوة عين) الحكمة.. والتناحر السياسي نزع أنياب الضحك ومنع تداول الابتسامة في الأسواق والشوارع .!

* فركت عيني وأعدت النظر كرتين، وسألت نفسي:

(معقولة ديل طلبة جامعيين)؟.. هل هذه متغيرات العصر أفضت إلى هكذا واقع.؟.. وهل عجائب الزمن التي أقامت الحد على (لمة ناس البيت في صينية الغداء العامرة) ليحل محلها ساندوتش طعمية (على الطاير) أو شاورما في أحسن أحوال الجيب قد تمددت في كل المساحات حولنا لتضمحل العقول وتنكمش الأجساد وتتضاءل الأفكار؟ ..هل يعرف هؤلاء (الشُفع) تاريخ اتحادات الجامعات ونضال الطلبة وهموم البلد وإشراقات أكتوبر وانعقاد البرلمان في جلسة طارئة بأمر شارع الجامعة..؟

* إن كان ما رأيته في زيارتي الخاطفة يمثل واقع الحال بإحدى الكليات التي من المفترض أنها جامعية، فيجب علينا ألا ننعل “سنسفيل” البكلاريوس عندما تشيع اللغة العربية على يد خريج جامعي إلى مثواها الأخير، والخريج العبقري يحشد عشرات الأخطاء التعبيرية والنحوية والإملائية في سطر واحد لا يتعدى بضع كلمات.. و(دونكم ما تجود به مداخلات ورسائل “الواتس اب”) من تجليات..!

* من واجبنا أن ندع بروفيسور عبد الله الطيب يتململ في قبره ما استطاع إلى ذلك سبيلا، طالما أن عبقرية خريجي بعض الجامعات أضافت حرف (ألف) بعد (اللام) إلى كلمة (لكن) ليتغير رسمها تماماً، ولا أحد باستطاعته الوقوف (ألف أحمر) في وجه (السلم التأليمي) وتمدد المدارس الخاصة، وانهيار التعليم الحكومي، وانعدام ضمائر كثير من المعلمين، وشهوة طباعة المذكرات وإعادة طباعة الامتحانات تفعل العجب، و(القراية إن شاء الله تطير) طالما أن (الاسبوتنغ) ضرب..!

* هل عرفتم لماذا لم تعد مدرجات الجامعات ترفد المشهد السياسي والثقافي والأدبي بالأسماء والنجوم؟.. هل أدركتم السر في عدم ذيوع صيت (صحيفة حائطية) بإحدى الجامعات حتى تكتب عنها صحف الخرطوم، وتتنبأ لمحررها بمستقبل إعلامي أخضر وغد أنضر..!

* باختصار شديد:

(معظم الجامعات الآن بلا بريق وهيبة ونجوم، مع أنه بالأمس القريب كانت” أركان النقاش” تمثل برلمانات ناضجة، والجامعات عبارة عن ندوات وأحزاب خمسة نجوم)..!

* عندما تصبح (ست الشاي) هي ساحة النشاط، فإن ذلك واقعاً جامعياً يدعو إلى (زيادة السكر) والضغط والإحباط..!

* بالأمس كان الصفوة هم من يدخلون الجامعات، وسعيد من يتحدث إليهم، أما الآن فيا ويل من يقع في قبضة حوار مع طالب جامعي..!

نفس أخير

* سيدي الوزير: المرحلة المتوسطة خلها أقرع (الجامعات).!

[/JUSTIFY]

ضد التيار – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version