كنت أمارس حياتي الطبيعية بصورة جيدة قبل أن أقع فريسة للدجالين والمشعوذين، الذين يوهمون باحثي الفحولة بأعشاب لم تسبب لي سوى الألم والاكتئاب. هكذا تحدث لنا «ل.م.م» شاب في الـ «35» من العمر عن معاناته مع المنشطات الجنسية «الكيميائية منها والعشبية- أو الشعبية» والتي رمته على حافة الموت المعنوى والاكتئاب. وبما أنها ظاهرة قديمة إلا أن الاقبال على المنشطات الجنسية بات أمراً يستحق الدراسة.
———————————————————————————————-
موت معنوي
? يواصل «ل.م.م» قصته مع المنشطات الجنسية بقوله: «كنت امارس حياتي الطبيعية بصورة جيدة قبل أن اسلك طريق العشابين وأوهامهم – وأضاف قبل عشرة أعوام أصطحبني أحد أصدقائي إلى أحد المشعوذين بعد أن أقنعني بأنه لديه «اعشاب» تزيد القوة الجنسية لدى الشخص ويمارس لوقت أطول وبالرغم من غلاء سعرها، إلا أن مميزاتها – كما أخبرنا الدجال – جعلنا ندفع ما في جيوبنا وبالفعل شعرنا بنشاط ولكنه للأسف كان مؤقتاً وصار الأمر بالنسبة لنا لابد منه، وفي ذات يوم أعطاني أحد العشابين مسحوقاً بنياً ونصحني أن أشربه مع اللبن أو أرشه على شية لحم واتناولها. وما أن فرغت من شراب اللبن داهمتني آلاماً حادة في معدتي نقلت على أثرها الى المستشفى ولكن لم يردعني من تناول المنشطات العشبية ولفترة إمتدت لأكثر من «3» سنوات. خلالها لم اكن امارس نشاطي الجنسي إلا بالمنشطات. حتى أصبت الآن بالبرود ودخلت في دوامة بحثاً عن علاج ينتشلني من «هوة الموت المعنوي» إرتدت خلالها كل الاطباء المختصين في أمراض الذكورة فأتجهت الى تعاطي «الفياجرا» التي أنهكت قواى وخشيت أن أموت وأنا أبحث عن الفحولة لذا فقد أقلعت عن تناول المنشطات الجنسية بشقيها «الكيمائي- والعشبي» منذ «4» سنوات.
والمفاجأة التي أذهلتني ولم أفطن لها منذ بداية حديثي معه بأن هذا الشاب لم يتزوج بعد، وكان رده حين سألته عن وضع زوجته بعد توقفه عن ممارسة الجنس أخفق رأسه قائلاً: ليس لدي زوجة، واستطرد بأنه لم يعد يفكر في الزواج.
بعد صمت طويل عاد بقوله لست أنا فقط من اصيب بالبرود بسبب المنشطات فهناك العشرات من الشباب في سني يرتادون الصيدليات بحثاً عن الدواء السحري ولدي صديق يتعاطى (الفياجرا والبنقو) في آن واحد. سألته: لماذا البنقو..؟
فرد: حتى لا يتذكر بانه تناول الفياجرا لممارسة نشاطه الجنسي أو ليتوهم بأنه طبيعي.
العشب السحري
ويسرد لنا (ضحية اعشاب) آخر رفض حتى كتابة حرف اسمه الأول.. قائلاً: أنا من وسط السودان وبعد تركي المدرسة في المرحلة الثانوية توجهت الى مدينة بورتسودان بحثاً عن عمل، ووجدت هناك عدداً من ابناء منطقتنا يعيشون في (بيت عزابة)، وفي ذات يوم جلب أحدهم «عشباً»- وقال لنا هذا يجعلنا أقوياء. وكان ثمنه «53» جنيهاً حين ذاك ولا أدري كم بلغ ثمنه الآن. وتعاطيناه جميعاً بالفعل كان مفعوله قوياً،ولم أعد قادراً على الاستغناء عن العشب السحري والآن أنا متزوج واتناول المقويات، ولم أستطع الاستنغناء عنها، وأخشى أن اصاب بالعجز الكلي وبعد أن فرغ من حديثه طلب مني ان أوصل رسالة الى أي شاب أو رجل بألا يقترب من المقويات التي قد تفوق إدمانها خطورة المخدرات.
بائعة الأوهام
دلني الشاب «ل.م.م» على امرأة تبيع الاعشاب المقوية للجنس على احدى فرندات السوق العربي. امراة في منتصف العقد الثالث، وبجوارها طفليها، ملامحها تدل على أنها نصابة حتى ابتسامتها التي استقبلتني بها كأنها تسخر من الفريسة. التي تبحث عن الاعشاب لاكمال الرجولة – أو كما تظن، جلست قبالتها القرفصاء وكأنني اتحاشى نظرات المارة والبائعين من حولها.. قلت لهما بصوت خافت: ماذا لديك..؟
فاجابت بسرعة مما تعاني من «قصر المدة» أم تبحث عن متعة اكبر لفترة أكبر قلت لها: كلاهما فناولتني «مسحوقاً بنياً» هذا يسمى «بتاع بليَّلِ» لا يستخدم الا بعد غروب الشمس مع اللبن وهذا «قشة طولها لا يتجاوز البوصة يسمى «المسمار» يمكنك تناوله في أي وقت تريد فيه ممارسة الجنس تقوم بمضغه وابتلاع عصارته. وهذا هو «العرق« للبرود يجعلك حصاناً. ويتراوح بين «51» جنيهاً – إلى «54» جنيهاً – فقلت لها : ما الذي يضمن بأنه سيأتي بمفعول فأقسمت بأن مفعوله قوى وفعَّال. تركتها بعد أقنعتها بأنني سأعود اليها اليوم التالي.
حاجة بعض الناس لاثبات ما يعتقدون أنه الفحولة أو البحث عن المتعة لوقت أطول يقودهم للوقوع في شباك المحتالين الذي أمتلأت بهم نواصي الشوارع والفرندات يبيعون الأوهام. وكما قال لي أحدهم : بأن هؤلاء المشعوذين- يستغلون باحثي هذه الأعشاب لأنهم يدركون أنهم يمكنهم أن يدفعوا فيها «دم قلبهم».
عوامل نفسية
وينصح أختصاصيو الذكورة والعقم من يعانون من البرود الجنسي بمعاودة الاطباء النفسانيين إلا إذا لم يكن يعاني من «العنة» وكذلك من يعانون من انغلاق الشرايين التي تضخ الدم في «العضو الذكري» لان أسباب البرود أو العجز جلها أو «99%» منها عوامل نفسية. وحذروا من تعاطي المنشطات الجنسية التي غالباً تكون مغشوشة او لها آثار جانبية مكنها أن تفضى إلى الموت.
وفيما يختص بجانب الأعشاب الطبية التي تباع في الاسواق. يقول د. احمد عمر صيدلاني بأنها قد تكون ذات عواقب وخيمة لأنها مركبة بدون دراية أو معرفة لآثارها الجانبية وناشد السلطات بازالة المحلات التي تعمل في بيع الاعشاب الطبية، لأنه لا يمكن مقارنة شخص قد امتهن بيع العقاقير الطبية الوراثة او بالممارسة عبر معارفه – وبين شخص قضى اكثر من عشرات السنين في كليات الصيدلة ودرسها بطرق علمية لا مجال للشك فيها. بينما عدد د. عثمان مكي الخليفة صيدلي- مخاطر المنشطات الطبية للنشاط الجنسي بقوله بأن للمنشطات الجنسية خصائص موسعة للأوعية الدموية بشكل عام وعليه يتوقع حدوث مخاطر على القلب أصلاً على المرضى الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية والذين يستخدمون «النايتريت» ويجب أخذ الحيطة عند وصف هذه العقاقير. وبالاخص للمرضى الذين يعانون من «احتشاء عضلى قلبي- والسكتة الدماغية والذين يعانون من عدم انتظام ضربات القلب بشكل مهدد للحياة خلال الأشهر الستة الأخيرة – والذين يعانون من انخفاض ضغط الدم في وضع الراحة أي «ضغط الدم أقل من «09/05»- وارتفاع ضغط الدم اكثر من «071/011»- ومرضى الشرايين القلبية ومرضى شبكية العين – ولا يمكن تناولها متزامنا مع المنشطات الاخرى – ويقول عثمان بأن اكثر الفئات اقبالاً على هذه العقاقير يتراوح اعمارهم من «06 عاماً» وما فوق وهؤلاء يستخدمونها بسبب تقدم السن أو لفقدان القدرة الجنسية ومن «54 عاماً إلى 05 عاماً» لفقدان القدرة الجنسية وغالباً يكون السبب الضغوط النفسية والاجتماعية وبعض الممارسات الضارة مثل الافراط في التدخين والمخدرات وتعاطي الخمور، وحذر د. عثمان من الأعشاب الطبية التي لا يعرف صانعوها الآثار الجانبية والكميات المطلوبة وأضاف بان على المواطنين تحاشيهم على السلطات الصحية إزالة محلاتهم.
أبو تمساح
وكما أعتبر الكثير من الأطباء بأن العجز الجنسي غالباً ترجع أسبابه الى العوامل النفسية يقول د. تيسير حسون «اختصاصي الامراض النفسية والاضطرابات الجنسية» أن العوامل النفسية تلعب دوراً في كل حالات «العنانة» ولو كان هناك سبب عضوي، وهذه الحالات ليست ذات جذور عميقة بل يمكن اكتشافها بتفحص الوضع الراهن للمريض دون الغوص في الخبرة الطفولية والعوامل المسببة لهذا الأمر هو الجهل والمحرمات الثقافية وسوء التواصل، وتدوم المشكلة عادة جراء حلقة معينة من الفشل والذي يقود إلى الخوف من الفشل ثم المزيد منه.
الأدهى أن سوق العقاقير المنشطة للجنس- يجد رواجاً منقطع النظير. والمثير أن أغلب الفئات التي تتعاطى هذه المنشطات من الشباب سواء المتزوجين منهم والعكس. وتعتبر «القنق»، والنمر، والمسحوق البني- والبخاخ النيجيري – ومسحة «أبو تمساح» اكثر الانواع رواجاً.
وفي استطلاع أجرته «الرأي العام» في اوساط بعض المتعاطين قالوا بأنهم على استعداد لدفع كل ما يملكون من مال للحصول على عشب مقوي يجعلهم يتحصلون على لحظات من المتعة لأنهم باتوا مدمنين وفقدوا القدرة بدونها.
اخيراً
السلطات الصحية صرحت في وقت سابق باعتزامها شن حملة على باعة الاعشاب الطبية بصفة عامة وعلى ما أذكر كانت قبل اكثر من «3» أشهر وما زالت العربات المحملة بالاعشاب الطبية والباعة يفترشون في فرندات السوق العربي والاسواق الطرفية على مرأى الجميع.
المصدر: صحيفة الراي العام