* عندما كان صوته يسد الفضاء، قلنا إن الناس لن يدركوا قيمة أسطورة محمود إلا بعد عشرات السنين،
وأشرنا إلى أنهم حينها سيتحسرون على عدم احتفائهم اللائق بموهبة هذا الفنان الذي يعتبر من أصحاب أعذب الأصوات الغنائية التي صافحت الأذن السودانية في الخمسين عاماً الماضية ..!
* كان محمود يعتبر بلا منازع (المالك الرسمي) لأعرض شرفة جماهيرية أطل من خلالها فنان شاب، لذا فقد أحبه الجمهور بوله وجنون وتفانٍ، وظل اسمه مرتبطاً بالنجاح الفني الباذخ منذ انطلاقة مسيرته الغنائية..!!
* امتلك «الحوت» قاعدة جماهيرية عريضة أكثر شراسة وتعصباً من الجمهور الإنجليزي .. جمهور كما قلنا من قبل يعطي آذانه وأفئدته (حصرياً) لمحمود، ويتباهى بذلكم الحب الدافق والعشق السرمدي.. جمهور يساند فنانه في كل الظروف والأوقات ولا يتخلى عنه أبداً.. جمهور رهن إشارة فنانه.. يلبي النداء في كل وقت.. ويحجز مقاعده في حفلاته الجماهيرية متى ما زينت الشوارع ملصقات و(بوسترات) إعلانات حفلاته.. جمهور يحمل في الحفلات لافتات قماشية وورقية تعبر عن ذاك الحب الدافق والخرافي مكتوب عليها (الأسطورة) و(الإمبراطور)، و(سيد الغنا)، و(ملك الغنا)، وتبقى أكثر اللافتات تعصباً تلك التي حملها مجموعة من الشباب في حفل لمحمود بالمكتبة القبطية مكتوب عليها (ما بطيق لغيرو أسمع) فأصبحت مقولة متداولة، وتوالت لافتات الحب المتطرفة من بعد ذلك تباعا!!
* ومع العشر الأوائل من رمضان دعونا نتوقف مجدداً للحديث عن علاقة (الحوت) بالمديح النبوي والتي سبق وأن كتبنا عنها باستفاضة، وذلك لدواع تجدد التساؤلات مع تكثيف الفضائيات لبث مدائح محمود بعد أن أغمض اغماضته الأخيرة مودعاً الدنيا ..!
* (محمود عبد العزيز يظهر في قناة (ساهور) عبر مدائح مصورة .. والله فعلاً حاجة غريبة.. يا جماعة محمود والمديح النبوي ما بتلموا وما تغشوا الناس ساكت..!!) .. تلك كانت هي الكلمات التي علق بها العم عمر الفاتح قبل ست سنوات عند رؤيته (للحوت) مادحاً على شاشة قناة ساهور، فهل ظلم الرجل محمود أم أن حديثه يمثل كبد الحقيقة، ولا يمكن أن ننكر أن كثيرين ممن يمسكون بهذه الصحيفة الآن ويطالعون حروف مقالنا يتفقون مع (عم عمر) في حديثه.. فهل هم على حق .. وهل دخل محمود هذه التجربة طمعاً في المال مثل كثير من الفنانين مما دفع الفنان الراحل محمد وردي إلى إطلاق تعليقه الشهير (إنهم يمدحون حُباً في المال لا حُباً في الرسول صلى الله عليه وسلم) والعياذ بالله- ؟!
* قبل أن نجيب على الأسئلة التي طرحها العم عمر الفاتح لابد لنا من وقفة تعريفية للمدائح النبوية فالدكتور زكي مبارك يرى انها (فن من فنون الشعر التي أذاعها التصوف، فهي لون من التعبير عن العواطف الدينية، وباب من الأدب الرفيع لأنها لا تصدر إلا عن قلوب مفعمة بالصدق والإخلاص)، ومفهوم المديح النبوي حسب التعريفات المتداولة أنه ذلك الشعر الذي ينصب على مدح النبي صلى الله عليه وسلم بتعداد صفاته الخلقية وإظهار الشوق لرؤيته وزيارة قبره والأماكن المقدسة التي ترتبط بحياته، مع ذكر معجزاته المادية والمعنوية ونظم سيرته شعراً والإشادة بغزواته وصفاته المثلى والصلاة عليه تقديراً وتعظيماً كما يرى جميل حمداوي..!
* والذي يقف عند نقطة مهمة جداً وهي أن الشاعر المادح يُظهر تقصيره في أداء واجباته الدينية والدنيوية، ويذكر عيوبه وذلاته المشينة وكثرة ذنوبه في الدين، مناجياً الله سبحانه وتعالى بصدق وخوف مستعطفاً إياه طالباً منه التوبة والمغفرة، ثم ينتقل من بعد ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم طامعاً في وساطته وشفاعته يوم القيامة.
* هل بدأت علاقة محمود عبد العزيز بالمديح بقناة ساهور؟؟ وإذاعة الكوثر وظهور منظمة المبرة الخيرية.. وهل هذا الشاب لم يعرف التصوف ومعناه قبل ميلاد تلك المؤسسات..؟؟ من لا يعرف (الحوت) وسيرته جيّداً سيجيب بنعم، وقد يكون له ألف حق في إجابته، ولكننا غداً الجمعة نكشف تفاصيل هذه الجزئية ونضع النقاط فوق الحروف..!
نفس أخير
* قول يا لسان الدنيا قول
خلي الكلام يوصل يقول
الناس دي بتحب النبي
محمود ده بيحب الرسول
أركان بلدنا صلاة وسلام لي طه
لي هادي العموم
مستبشرين بيها الرضا وفي الجنة خلدا لايزول.
[/JUSTIFY]ضد التيار – صحيفة اليوم التالي