كلي.. وين المتل الحسن

[JUSTIFY]
كلي.. وين المتل الحسن

*أذكر جيداً تفاصيل ذلك الصباح المفجع، كنت لحظتها أعبر جسر القوات المسلحة عندما تلقيت مهاتفة رحيل مجذوب الخليفة، فتوجهت مباشرة إلى حي المطار حيث البيت والمأتم والفاجعة، حي المطار في تلك اللحظة كما لو أنه قبة الشيخ الكباشي عند رحيل الكباشي، والمشهد كما صوره شاعرنا عكير الدامر..

خبر الشوم طلق هز القبب واترجَّت

والنار في الدراويش الترجمو وجَّت

أسراب المعزين بالشوارع عجَّت

وربات الخدور نزعت حجابها وقجَّت

*رأيت يومها رجلاً يتوشح ثوباً يبكي ويهتف بصوت عال.. وين المتل مجذوب.. مجذوب ما كان بيقفل بيتو.. كنا بنوم هنا ونأكل هنا.. كانت حاجاتنا تُقضى هنا وين المتل الحسن.. وين المتل مجذوب.

*وجدت أمس الأول رجلاً ينتظرني في مقر الصحيفة كما لو أنه ذلك الرجل، ولو كان ذلك الرجل يبكي رحيل الخليفة، فالسيد ابن إدريس أحمد كوراك كان يبكي قرية مجذوب أو مدينته كلي ومشروعها الزراعي الذي هو الآخر يرحل..

*ولو أن ابن الخليفة مجذوباً حي يرزق لما تيتمت كلي ولما هرول بين الصحف أهلها يطلبون مساحة مستحيلة لعرض قضاياها، أعطوهم أو منعوهم!

*السيد ابن إدريس كوراك أحد مزارعي مشروع كلي، جاءني في هيئة عمدة أو ناظر خط، بثوب سوداني كامل الدسم.. جبة وصديري وسيف وسكين يا سمح يا زين..

ينعى الرجل كوراك مشروع مشروع كلي الزراعي، وينعي الزراعة في بلد حياتها وموتها ونشورها هي الزراعة، وإن كان في يد أحدكم فسيلة والساعة قائمة فليغرسها..

*سألته لماذا صاحب الملاذات، قال “لأنك قاعد تكتب كلام قوي عن الولاية”، قلت في سري “ما تحسبه قوياً هو عند القوم هين ولين”، فلست أنا إسحق فضل الله، ففي أحد المواسم كانت حكومة جوبا كلها لا تعرف كيف تشرب قهوة الصباح قبل أن يمر مقال القاص إسحق فضل الله ، واليوم ليست هنالك قهوة وليست هنالك دولة في جوبا.. انكسر المرق واتشتت الرصاص.. وانهد الركن الكان بلم الناس.

*يقول السيد ابن إدريس إن مشروع كلي الذي أسس عام 1974م في مساحة 8716 فداناً تمتد من الجبلاب جنوباً إلى الكمير شمالاً، يرزح الآن تحت الأتاوات بحيث رفعت وزارة الزراعة بولاية نهر النيل ضريبة مياه فدان البصل من 230 أي أربعمائة جنيه بحيث أن تكلفة التشغيل بعد كهربة المشروع قد انخفضت ويفترض أن يحدث العكس.

*والرجل يخاطب عبرنا ابن المنطقة السيد محمد الحبيب نائب رئيس المجلس التشريعي وحكومة الولاية بتدارك الأمر وتذليل أمر الزراعة.

*سيدي ابن إدريس كوراك “أنا قبلك كوركت لمَّا فترت وبح صوتي”.. بأن الزراعة تحتاج إلى بعض عبقرية وأولوية.. وهتفت وبح صوتي..

لقد أسمعت لو ناديت حيــاً ولكن لاحياة لن تنادي

ولو ناراً نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]

Exit mobile version