وأمس استمتعت بتفاصيل الـ (فلاش باك) الذي اشتغل عليه الزميل (محمود الدنعو) تقريراً رائعاً فيما يخض عضة اللاعب المميز والهداف الخطير في صفوف المنتخ الأرجوياني (لويس سواريز) الذي غرس أسنانه في كتف المدافع الإيطالي (جورجيو كيليني) بعد أن شدد عليه الرقابة وكتم أنفاسه ومنعه من إحراز الأهداف.
ورغم أنني شاهدت (العضة) على الشاشة مباشرة، وهي حيّة ترزق، إلاّ أن (الدنعو) تابع ورصد تفاصيلها الدقيقة فخُيِّل إليّ وكأنه أخرجها من بين أسنان (سواريز)، إذ رصد في تقريره الكثير من حالات الاستياء والتهكم (من سواريز) التي عمّت الأسافير، حيث وصفه بعضهم بالكلب، وآكل لحوم البشر والحيوان.. إلى آخر القائمة.
لكن المُتأمل لعضةِ سواريز من منظور (سوداني) مُتصل بالراهنِ السياسي والفكري والثقافي والصحفي، يجد نفسه في مأزق حقيقي إزاء ما اجترحه اللاعب الكبير، وهكذا وجدت نفسي متعاطفاً مع الرجل، ومُديناً له في ذات الوقت، فـ (سواريز) بحسب رصد (الدنعو) سجل لبلاده في منافسات التأهل لنهائي كأس العالم أحد عشر هدفاً وواحداً وثلاثين هدفاً لفريقة (ليفربول) وتوج نفسه هدافاً للدوري الإنجليزي، ونال جائزة أفضل لاعب فيه (دون عض).
الرجل مُهدد بالإيقاف خاصة وأنه كرر فعل العض أكثر من مرة، كما احتال على الحكام وضلل صافرتهم كثيراً.
رغم ذلك أجدني أهفو وأرنو إلى حيلة تجعلني قادراً على إعادة إنتاج نسخ مُحورةً (سودانوياً) من كابتن سواريز وتشغيلها في سياقات أخرى من ضمنها الرياضة التي تحتاج (سواريزات كثر) يعضون (من طرف)، ولا يأبهون لكتف أو رأس.
لكن سيكون أهم منتجاتي السواريزية تلك النسخة السياسية التي (ستقع عضاً) على الولاة والبرلمانيين والوزراء والمعتمدين خاصة الذين يصرحون ولا يعملون والذين ينكرون الحقائق ويفتئتون عليها، هؤلاء يحتاجون (عضات) على الرؤوس وليس على الأكتاف، خاصة وأن هنالك عبارة شعبية شائعة تقول (أقوم هسي أعضيك في راسك دا)، لذلك لو كان بيننا سواريز لتحسس السياسي رأسه قبل أن يطلق لسانه، ولـ (كرّب الأكاديمي) بحوثه ودراسته قبل أن يدعو الناس إلى الاستماع عليه، أما سواريز الفنانين والمذيعين (ذكوراً كانوا أم أناث) فسوف يشبع عضاً حتى يتجشأ كتوفاً متلاحقة.
أما سواريز الصحافة، وحتى لا يترك الزملاء والزميلات (كتوفهم) في منازلهم ويأتون إلى العمل (مرخرخين وكدا)، سأجعله احتراماً لحق الزمالة يعض كتف عمودي هذا (أصالة عن نفسي ونيابة عنهم).
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي