أزجيك سلامي وهيامي وحنيني ووئامي.. وأزج برسائلي إليك من تحت بوابة الحنين الذي لا يهدأ.. أخشى أن أفتح مزاليجها فيفيض ذلك التحنان ويغرق العالمين..
أسرب كلماتي مع قوافل العشق والأمنيات فأنا أخاف أن يلقي الحراس القبض عليها غارقة في جرم الهوى المشهود.
أيها الرجل الأبنوسي الذي قدر لي قبل بدء الخليقة أن أصاب بداء حبك العضال.. كيف هي معك الأحوال؟.. ألا تزال ترزح تحت وطأة الوصال؟.. أم أنك صرت طيفا صعب المنال؟!
إنني – إن سألت عني – لا أزال أدمن الجلوس تحت ظل قامتك المديدة بقلبي.. أناجي ذكرياتك.. أستغرق أحيانا في ضحك هستيري ثم لا ألبث أن أبكي بالدمع السخين.. أحدث عنك العصافير والسحب والقوافي الشاردات من دنيا القصيد.
أكتبك في الخواطر الماطرة التي يتساقط رذاذها على أرض الوجل القاحلة..
حدثهم عن تاريخي المجيد معك.. عن حاضري العذب بغيابك.. عن مستقبلي المجهول بجانبك.!!
هل تذكر أحاجينا على ضوء القمر؟ أم أن مصابيح النيون المبهرة تغولت على خيوطه المتسللة إلى قاع روحك لتهدهد الحنان بأعماقها؟
أخشى ما أخشاه أن تكون تلك المدن البعيدة الصاخبة قد بدلت هدوءك الوقور وصمتك الثرثار وميلك الدائم للسكينة!!
لقد كان أكثر ما يميزك ذلك الهدوء الصادق الممزوج بالحكمة وبعد النظر.. والأدب الجم الذي يستحي حتى من البوح العفيف في حضرة الحب الشفيف.. فهل ظللت كما أنت؟!!
ألا تزال على عهدي بك تقرأ كتابات نزار قباني.. وتحلق بأغنيات عبد الحليم.. وتبكي مع أبطال روايات السباعي ومحفوظ؟ أم أنك أصبحت رجلا متعولما تتحدث أصابعه أكثر من شفتيه؟!!.
يقولون إن الغياب يقصي الاعتياد فيستحيل الاستغناء ممكنا..!! ويقولون إن الغربة تجعل القلوب أشد قسوة والأرواح أكثر برودة وجفافا..!!!.
فإلى أي مدى ستثبت لنا جميعا العكس؟! وكيف يمكنني أن ألتقي بك من جديد فيلفحني دفء أنفاسك ويجهرني ذات البريق الذي اعتدته في عينيك منذ زمن؟!
متي ستعود لي.. للنيل.. والقمر.. والأغنيات؟.. متى تتحقق تلك الأمنيات.. فيبارح وسادتي السهاد.. وأعانق أنفاسك من جديد فيذوب بداخلي كل الجليد؟!!
إنني أخاف يا حبيبي من الفراق.. من تبدل عواطفك على شاطئ الخليج.. من انقشاع سمرتك واعوجاج لسانك.. من أن تبهت ضحكتك النقية التي كانت تشق صمت الليل فيبادلها قلبي جنون الخفقان والولع!!
عد يا سيدي.. عد لعيني.. كي تعود الشمس لإشراقها في وادي أحلامي ويتمايل الأبنوس طربا”.
تلويح:
أنا برضي بستناك.. مهما الغياب طول!!
إندياح – صحيفة اليوم التالي