بشبشة خليلية

[ALIGN=CENTER]بشبشة خليلية[/ALIGN] تقول الطرفة ان أحد (المتسببين) قابل أحد الذين يتربص بهم فقال له (انت معانا ولا مع التانين؟) بما ان الرجل كان مرعوباً اجابه (طبعا معاكم) فكان رده (لكن نحن التانيين). ولعل هذا يذكرنا بمقولة جورج بوش التي سارت بها الركبان بعد احداث 11 سبتمبر2001 (من ليس معنا فهو ضدنا) وها هو دكتور خليل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة يعيد الى أذهاننا هذه المقولات في مقابلته مع «الشرق الاوسط» عندما قال انه لا يوجد الآن في دارفور إلا الحكومة وحركة العدل والمساواة فعلى الذين (يدعون) بأنهم حركة دارفورية اختيار واحد من اثنين إما الانضمام الى العدل والمساواة أو الحكومة وبما انه ضد الحكومة، فهذا يعني من ليس معه فهو ضده لا بل لقد وضع خليل هذه السياسة موضع التنفيذ بدليل حربه مع مني اركو ومع عبدالله بنده.
الأمر المتفق عليه هو انه في هذا (اليوم العلينا دا) ان حركة خليل هي الأكثر عتاداً ورجالاً ودعماً دولياً وقد انضم اليه بعض الذين يحملون السلاح في دارفور، ولعل أهمهم سليمان جاموس (الاسلامي السابق مثل خليل)، ولكن المتابع لخليل يتضح له ان رأي خليل هذا ليس جديداً، بل قال به من قبل كثيراً وأسمى بعض الحركات (حركات الانترنت) ويبدو لي ان خليلاً ركز على الجانب القتالي منذ مفاوضات ابوجا عندما كان يقف على هامشها ولم يعترف به أحد وكان التركيز على عبد الواحد محمد نور ومني اركو مناوى لذلك نجده يقول في ذات المقابلة انه قضى على قوات مني نهائياً وان عبد الواحد يملك القليل من القوات في رأس الجبل وطالبه بالانضمام اليه.
مشكلة خليل الحالية يبدو لي انها تتمثل في تركيزه على الجانب القتالي واهماله للجانب السياسي لذلك تباين تصنيف الآخرين له، فالحكومة تقول انه الجناح العسكري للمؤتمر الشعبي. مني اركو مناوى وصف مفاوضات الدوحة بين الحكومة والعدل والمساواة بأنها لرأب الصدع بين الاسلاميين، وهذا هو رأى عبد الواحد القديم في خليل أما سيد شريف من حركة تحرير السودان (الوحدة)، فقد وصف حركة العدل والمساواة بأنها حركة تشادية لحماً وعظماً وأهدافاً، الامر المؤكد انه لا يمكن ان يكون خليل كل هذا ولكن صعوبة التصنيف تدل غباش الرؤية السياسية في الحركة.
الراحل جون قرنق استطاع ان يقنع العالم بأنه الممثل الوحيد لجنوب السودان بعد مسيرة قتالية وسياسية طويلة لدرجة انه قيل ان الذين ماتوا في الصراع الجنوبي /جنوبي اكثر من الذين ماتوا في صراع الشمال والجنوب. كارزيمية جون قرنق والظرف الدولي الذي ظهر فيه ساعده كثيراً في الانفراد بجبهة الجنوب، لكن الظرف في دارفور قد لا يكون مواتياً لاستنساخ تجربة قرنق، فاذا أصر خليل على موقفه هذا المتمثل في (اما معنا أو مع الحكومة) يكون قد ضيق واسعاً وقضى على مساحة الحوار بينه وبين أبناء الاقليم الآخرين.
على خليل ان يرجع بالذاكرة الى ثلاث سنوات الى أيام ابوجا وكيف انه كان على هامش التفاوض وهو الآن في قمة التفاوض وينظر للامام فقد يرجع الى مكانه السابق، فبالتالي عليه ان يغتنم فرصه تفوقه الذي غالبا ما يكون مؤقتاً كما هو الحال في مثل هذه الحروبات الاهلية ويقدم خدمة لاهله في دارفور وفي السودان كافة. الدعوة هنا ان يقرأ خليل الواقع بأفق استراتيجي ولا يرهن نفسه للحظة مهما كان ألقها.

صحيفة الرأي العام – حاطب ليل
العدد(22685) بتاريخ (18/5/2009)
aalbony@yahoo.com

Exit mobile version