مستشفى الكلى بود مدني.. الموت بالتقسيط

أدى خروج «9» ماكينات عن العمل بمستشفى ود مدني لجراحة الكلى، إلى إزدياد معاناة المرضى الذين يجرون عمليات الغسيل الدموى، وقد رصدت الصحيفة التردي المريع في خدمات المستشفى وتدهور حالة المرضى والمعاناة الشديدة الناجمة عن انتظار عملية الغسيل، فقد أدى تعطل الماكينات وتدهور صحة المرضى الى خلق حالة من الهلع والتوتر ما نتج عنه حدوث كثير من الاحتكاكات بين المرضى وذويهم من جهة والعاملين بالمستشفى، وصلت الى حد تهديد العاملين بالقتل عند محاولتهم إخراج احد المرضى بعد إدخاله عنوة الى غرفة الغسيل التي تشكو التردي والاهمال الى حد ظهور تشققات بحوائطها، وانبعاث الروائح الكريهة من ثلاجة العنبر الرئيسة التي تحتوي على علاجات المرضى، وذلك بسبب تعطلها المتكرر، كما أصبح غرق هذه الغرفة بالمياه أمرا طبيعيا بعد تعطل الماكينات، مما يؤدي الى تدفق المياه بغزارة داخل الغرفة، الأمر الذي أدى من قبل الى مهاجمة جيوش النمل للمرضى اثناء عملية الغسيل.
وهذا التردي الناجم عن انعدام السيولة دفع بعض المرضى إلى شراء «الاسبيرات» الخاصة بماكينات الغسيل حتى لا تتوقف، ووصل الامر الى تشغيلها بشكل مستمر ولمدة «24» ساعة مما يؤدي إلى تعطلها.
«الصحافة» نقلت المشكلة الى الدكتور مصطفى عمران مدير عام المستشفى الذي تحدث قائلا إنه ومنذ بداية العام تعيش المستشفى مشاكل في الميزانية وعجزا ماليا انعكس فى عدم الصرف على كثير من الضروريات، الأمر الذي أدى إلى توقف الصيانة لجميع الماكينات وخروج «9» ماكينات من مجموع «30» ماكينة كانت تعمل لتغطي حاجة «262» مريضاً يجرون عمليات غسيل دموي ثابتة بمعدل عمليتين في الأسبوع، هؤلاء غير مرضى الطوارئ مما يخلق عبئا على الماكينات، والمستشفى لا يملك مالاً للصيانة أو النظافة اليومية، كما أن هذا العجز المالي يقابله ازدياد في عدد المرضى، فنضطر للعمل بنظام الأربع ورديات وتخفيض حافز العاملين الى 50%، وهذا أدى إلى إهلاك الماكينات في المستشفى، علما بأن المستشفى يستقبل المرضى من كل بقاع السودان.
وفي ما يختص بحدوث بعض الاحتكاكات بين المرضى وذويهم والحرس والعاملين، فقد حدث هذا نتيجة للضغط والإرهاق النفسي والبدني الذي يعيشه العاملون، وتخفيض الحوافز وتعطل الماكينات المفاجئ يسهم في هذا التوتر، كما أن ضغط العمل أكبر من الامكانيات، وقد وصل الامر حد التهديد بالقتل للعاملين، خاصة عندما تتعطل الماكينة وما تتركه من هلع وذعر لدى المريض وأسرته. وعلميا يجب أن يكون الحد الادنى للغسيل 3 مرات أسبوعيا، ولكن نحن نغسل مرتين فقط لتغطية أكبر عدد، ولكن تعطل الماكينات يؤدي إلى إصابة المريض بارتفاع في الضغط. ووجود سوائل بالجسم واحتقان بالرئة وضيق التنفس في حالة عدم الغسيل يمكن أن تؤدي هذه المضاعفات الى الموت، وكل هذا التدهور سببه نقص التمويل، وولاية الجزيرة لا تساهم، وقد تمت مقابلة مع الوالي من قبل ووعد بالدعم ولكن لا جديد حتى الآن، ولولا حرصنا لانهارت الخدمات وازداد الأمر سوءاً بسبب توقف الغسيل البروتينى منذ بداية العام لعدم توفر المحلول، مما خلق عبئا اضافيا على مرضى الغسيل الدموي . وهذا العام لا توجد أية اموال للصيانة او حتى النظافة.
وتوجد مشكلة في الثلاجة والقطوعات الكهربائية هي السبب، كما أن هناك مياهاً تخرج من ماكينات الغسيل، وهذا امر يحتاج الى صيانة و«اسبير» تم طلبه منذ فترة ولم يتم احضاره حتى الآن، مما يؤدي إلى غرق غرفة الغسيل. والمريض الآن اصبح يشتري المحاليل والمستشفى لا يملك المال لإحضاره.
ونحتاج إلى تفهم المرضى وذويهم لمعاناتنا، خاصة أن البعض من العاملين تعرض للتهديد بسبب تعطل الماكينات المفاجئ.
والأمر لم يقف عند هذا الحد، بل أن ميز السسترات انهار أثناء الامطار الفائتة، ونخشى ان يتركن العمل في ظل الضغوط الراهنة وتخفيض الحوافز وعدم توفر سكن ثابت، فكل هذه العوامل طاردة، علما بأن هناك ازدياداً في الإصابة ولا توجد أسباب حقيقية توضح الأسباب، والمريض يصل الى المستشفى في مرحلة متقدمة جداً من المرض.
د. محمد الإمام نائب المدير العام تحدث قائلا: «طلبنا من قبل دعما لإنشاء مركز للبحوث وتم التصديق به، ولكن تم تحويل الدعم الى الخرطوم، ونحن نحتاج لمزيد من الدعم، كما أن هناك اهتماماً بمستشفيات الخرطوم، وإذا تم تحويل مستشفى الكلى الى ولائي سينتهي، خاصة أن الولاية تشكو من انعدام السيولة.
المهندس ايمان أحمد وتعمل منذ العام الماضي بالمستشفى، قالت إن تدفق المياه يتم بسبب انعدام «الاسبيرات»، وقد طلبنا هذه «الاسبيرات» وفشلت الإدارة في إحضارها، وبعض المرضى يحضرون هذه «الاسبيرات» حتى لا يتوقف غسيلهم الدموي.
مهندس سوزان مدنى ترى أن خروج هذه المياه بغزارة اصبح يكلف المريض شراء ثلاث علب بودرة Bicart بدلاً عن واحدة نسبة لخروج هذه البدرة اثناء تدفق المياه، ونحن نتوقع خروج ماكينتين في الأيام القادمة عن العمل.
أحد المرضى فضل حجب اسمه قال إن السسترات والحرس يتعاملون معنا بصورة قاسية، ماضيا للقول: «نحن أصلاً مرضى، وتكفى معاناتنا بسبب المرض، فالمقاعد الخاصة بالغسيل خرجت عن الخدمة بسبب مبالغ بسيطة للصيانة، كما أن الروائح الكريهة الصادرة عن الثلاجة الخاصة بأدوية المرضى تضايقنا رغم وجود ثلاجات جديدة بكثير من المكاتب، لكن مياه الشرب أهم بالنسبة لهم من أدويتنا، وحتى المياه والكهرباء مقطوعة عن حمامات مرضى الغسيل، ولا ندري الى أين نذهب؟ ومن قبل هاجمتنا جيوش نمل من شقوق غرفة الغسيل، كما تم قطع الكهرباء اثناء الغسيل من 11- 5 مساءً بسبب ماس كهربائي، والحمد لله ربنا ستر.
وبيئة العمل طاردة تماما… والذباب والحشرات اصبحت تهاجم المرضى أثناء الغسيل، والمياه متدفقة بغزارة، وحتى الأدوية معدومة بود مدني الا لدى صيدلية واحدة مما يهدد حياتنا.. وأصبحنا نشتري حتى الاسبيرات للمستشفى.
ونشكو من التدهور في كل شيء.. في الوجبات والتعامل والخدمات، وليس هناك شيء ايجابي واحد يمكن ذكره، ولكننا نعاني ونعاني من المرض، وتعطل الماكينات والتعامل الحاد والوجبات الرديئة.. والله يهون.
تاج السر أحمد :الصحافة

Exit mobile version