تحركات سرية ومعلنة، تجري لإعاقة بث برنامج (أغاني وأغاني)، بقناة النيل الأزرق، وبرامج أخرى على ذات الشاكلة.
هيئة علماء السودان قالت بافتخار وزهو، إنها نجحت في إيقاف برامج الغناء خلال شهر رمضان.
بعض أئمة المساجد، مضوا أبعد من ذلك، إذ أعلنوا من على منابر الجمعة، تحريم مشاهدة مباريات كأس العالم!.
مواقف ساذجة وآراء فطيرة، لا تجتهد لإقناع أحد، تطلق أحكاماً قطعية مرسلة، وتريد فرضها عبر أجهزة الدولة.
مهما فعلوا، لن يستطيعوا إغلاق الأبواب والنوافذ، وترك خيارات الناس تحت سقف منخفض، بمقياس تصوراتهم الفقهية المتشددة.
من الوهم تصور أن جهة ما، باستطاعتها تحديد وتسوير اهتمامات الناس، وممارسة رقابة قسرية، على ما يشاهدون أو يستمعون.
الفضاءات الآن مفتوحة أمام كل الخيارات. كل مشاهد يملك قراره في يده، على الريموت كنترول.
هؤلاء يجلسون على مقاعد خارج التاريخ.
إذا مُنع أحدهم من مشاهدة السر قدور في النيل الأزرق، سينتقل بضغطة من إبهامه على الريموت، لقنوات غنائية أخرى، تغنِّي فيها هيفاء ونانسي وغيرهما من الفاتنات.
لا أحد في هذه الدنيا، يستطيع أن يتدخل بين إبهام المشاهد وأزرار الريموت كنترول.
قناة النيل الأزرق، التي تبث برنامج (أغاني وأغاني)، هي ذاتها القناة التي تقوم بنقل التراويح من الحرم المكي، ولها عدد مقدر من البرامج الدينية والتثقيفية.
كان على هؤلاء تسجيل صوت شكر للسر قدور، الذي استطاع أن يجتذب المشاهدين من القنوات العارية والمبتذلة، إلى برنامج سوداني يقدم غناءً نظيفاً وأنيقاً.
غناء يحمل مكنونات الإرث الثقافي السوداني، لأجيال جديدة تلوثت أذواقها بفيروسات الغناء الهابط.
الفضائيات العربية تتبارى في جذب المشاهدين من كل أنحاء العالم، عبر الترويج لمسلسلات مصرية وتركية ومكسيكية وبرامج غنائية.
خيارات المشاهدين تمتد من القنوات الدينية (طيبة وأخواتها)، ومباريات كأس العالم، إلى قنوات الموسيقى والدراما (موش حتقدر تغمض عينيك).
مهمة الدعاة والأئمة، أن يقووا إرادة المسلمين وعزائمهم، ليتقوا الله في الغيب والعلن في خياراتهم الدنيوية.
أما ما يحدث هذه الأيام من قبل بعض الجهات الدينية، فهو محاولة لابتزاز السلطات، لتتخذ قرارات بالمنع ومصادرة أذواق المشاهدين، الذين يفضلون برنامج السر قدور على كل برامج الإم بي سي السعودية!.
عبارة مانعة جامعة قالها البروف علي شمو -حفظه الله وأكمل عافيته- قالها في أيام ظهور الأطباق الفضائية، في مستهل التسعينيات وحملات التحريض عليها من قبل بعض المتشددين:
(البديل لا العويل).
المؤسف جداً أن موقف الداعين لمنع بث الغناء في رمضان، لا يعبِّر عن موقف مبدئي أصيل وغير ملتبس.
كان عليهم أن يتحلوا بالشجاعة اللازمة، وأن يعلنوا بوضوح تحريمهم للغناء في كل الشهور لا في رمضان فقط.
أما أن يغضُّوا الطرف عن برامج الغناء في كل العام، ويستيقظوا فجأة في رمضان لتحريم برامج بعينها، فهذا اجتزاء وانتقاء يقدح في صدقية الموقف.
[/JUSTIFY]
العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني