الدكتور كرار التهامي بالاضافة لتخصصه العلمي صيدلة – فهو اديب كبير واعلامي بالممارسة والدراسة وموسوعي الثقافة لذلك عندما يكتب مقالا صحفيا يستلزم منا قراءاته بكل ما نملك من بصر وبصيرة ونحمد له أن بدأ هذه الايام يتحفنا بمقالات قيمة في (الرأي العام) حيث ذكر في احداها انه بالتزامن مع قضية ابرار الزين وان شئت قل مريم يحيى قد حدث أن خرجت احدى الاردنيات من الديانة المسيحية واعتنقت الاسلام وتزوجت مسلما وحبلت منه فما كان من اسرتها الا أن قتلتها اشد واشر قتلة ومزقت احشاءها ولكن الاعلام العالمي سكت عن هذه الحادثة ولم تسر بها القنوات والاسافير كما حدث مع ابرار/ مريم. نحن نتفق مع كرار في أن الاعلام العالمي وان شئت قل الجهات المسيطرة على الضخ و(الرش) الاعلامي عالميا جهات مطففة ولكنه حكم القوي على الضعيف وهذه سنة بشرية.
الفرق يا دكتور كرار بين الاردنية والسودانية اللتين غيرتا دينيهما هو أن الدولة في حالة الاردنية لم تتدخل في قضية تغيير الدين ولو تدخلت سيكون تدخلها في القضية الجنائية التي ارتكبتها الاسرة اما في السودان فالامر اصبح امر دولة لان قانون الدولة به مادة تجرم الخروج عن الدين الاسلامي فأصبح الفرق بين القضيتين كبيرا جدا فالاولى قضية جنائية مع فظاعتها يحدث في الغرب ما هو افظع منها بكثير بينما في السودان اصبحت الدولة طرفا وخصما في القضية وهذا ما يثير استغراب الغرب وما يجعل القضية جاذبة للاعلام وسوف نخطئ اذا اعتبرنا أن الاعلام الذي حظيت به قضية ابرار/ مريم كله استهداف ومؤامرة فالقضية تحمل في جيناتها ما يجذب الإعلام الغربي لانها صادمة للثقافة الغربية
سنكون مبالغين اذا قلنا أن قضية ابرار / مريم جاذبة للإعلام العالمي لانها صادمة للثقافة الغربية وحدها فحتى في العالم الإسلامي ولا بل تحديدا نحن في السودان القضية بالنسبة لنا جاذبة اعلاميا ليس لاننا اصبح فينا نصيب من ثقافة الغرب وحقوق الانسان والذي منه بل لان مثل هذه القضايا نادرة وليست متواترة الحدوث واظن أن وجود مادة الردة في صلب القانون الجنائي السوداني كان مفاجأة للكثيرين واذهب الى اكثر من ذلك واقول إن الرأي العام السوداني لا يريد اعداما رجما- لأبرار ليس لانه ضد الحدود الشرعية بل لأن الفقه الإسلامي القديم والمعاصر فيه خلاف حول حد الردة وهنا يمكن أن نكتفي بقول مولانا جلال الدين المراد الذي انتدبه مجمع الفقه الاسلامي لاستتابة ابرار فقد عبر عن استيائه على الطريقة التي فرضت عليه للتفاهم معها وقال إن هذا كان ينبغي أن يكون في جلسات مطولة بعيدا عن قاعة المحكمة ثم وصل شيخ جلال الى خلاصة مفادها أن ابرار إما مقهورة واما مسحورة وفي تقديري أن الشيخ هنا ابرز الشبهات التي تبطل الحد.
مع كل الذي تقدم لابد من أن نحمد لاسرة ابرار السلوك الانساني الذي برز منهم تجاه ابنتهم ولم يفعلوا ما فعلته الاسرة الاردنية فهذه الاسرة السودانية لم تلجأ للدولة لكي ترجم لهم ابنتهم بل لتساعدهم في ارجاع ابنتهم الى حضن الاسرة وقد اعلنوا على رؤوس الاشهاد قبولهم لها اذا رجعت لحضنهم وتزويجها من ابن عمها وهذا الذي كان ينبغي أن يعكسه اعلامنا السوداني وبالمناسبة في الحتة دي في مفارقة بين الدولة والمجتمع في السودان وانا ما بفسر وانت ما تقصر.
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]