فخ البيلي

[JUSTIFY]
فخ البيلي

كل الأرقام التي تطرحها المؤسسات الرسميِّة ذات الصلةِ بتخديمِ الشباب (إيجاد فُرص عمل لهم) غير صحيحة، هذا ما يعتقده المواطنون على الأقل، ولديهم حُجج مُدججة لإثبات وجهة نظرهم هذه، حُجج بسيطة، أقلها نظرة عابرة للخريجين من أبناء الحي أو الشارع الذين يتخذون من ظلال أعمدة الكهرباء الشحيحة (مقيلاً) لهم نهاراً، ومن تماسات ميادين كرة القدم التُرابية المُهددة بالمصادرة فُرجة عصر، ومن (ترابيز كشاتين) الأندية سهرات ليلية، ومن الفجر ثلثه إلاّ قليلاً تداولاً لشمارات (واتس اب، شات أون، وفيس بوك) و… ما لا يُقال سيُقال لاحقاً.

لكن من الحُجج ذوات العُقد (المُكرّبة) التي تحتاجُ إلى (تفكيك) بأصابع حريفة وماهرة تلك الخدع البسيطة التي تشبه ألاعيب الحواة (الزمان)، ومنها تصريحات والي الخرطوم الأخيرة (المنفيِّة لاحقاً) التي تفيد بأن (أي زول عايز شغل يجيني شخصياً).

ولما دخل العاطلون على محرابه (غير آبهين للنفي) يطلبون أرزاقاً، لم يجدوا حتى جرذاناً قليلة، فصاح فيهم (هيّا إلى التمويل الأصغر)، ثم بعد (هيا) هذه، محطة أخرى ترك (نظارتها) لوزير ولايته للرعاية والتنمية الاجتماعية (أمل البيلي) التي بشرت العاطلين أول أمس بـ(100 ألف) فرصة عمل قالت إن ولايتها انتهت من تدبيرها وستطرحها (عمّا قريب) لجميع الشرائح التي في دائرة الإنتاج عبر برنامج التمويل الأصغر، قالت كل ذلك وهي تخاطب احتفالاً نظمه اتحاد الشباب الوطني بولاية الخرطوم في ختام مشروعات رعاية النزيل (السجين) المُنتج، بُثّتْ خلاله أغنيات حماسية مثل (الفينا مشهودة، وبلدنا نعلي شانا يا ناس)، بحسب الخبر الذي نشرته أمس يومية (الرأي العام) عن الزميل (حسام ميرغني).

و خبر الـ(100 ألف) فرصة بهذه الصيغة التي ورد فيها يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خشية أن يكون كأخبار من ذات الشاكلة تنطلق من بين أغنيات الحماسة وسرعان ما (تنفث) ما إن تضع (الدلوكة) أوزارها وتنقشع عن الكلمات حميتها، ولا نقول ذلك للحط من أقدار الأفكار والبرامج التي تطلقها الولاية بين الثانية والثانية ولا تنفذ منها (نقطة فاء) دعك عن (نقطتي قاف).

فالتمويل الأصغر برنامج طارئ ولحظي فقط، محض خطة وتدبير وقتي (مؤقت)، يُشْبِه فعل البنج الموضعي، وفوق ذلك كُلِهِ، والأهم مِنه (من سيُنفِذ هذا البرنامج)؟ أهي تلك الإدارات نفسها؟ إذا كانت هي (فابشروا بطول بطالة أيها الشباب).

ثم، إننا كررنا، ولن نمل تكرار القول إن التمويل الأصغر ليس هو الخطة المثالية الفاعلة للتقليلِ من البطالة، وهذا ليس (قطع رأسنا)، وإنما ننقله عن خبراء في الاقتصاد وتخطيط القوى العاملة وما إليهما، إذ اتفق جميعهم أنه إذا أردت أن تقيس مدى جدّية الإدارة (أي إدارة) علت أم دنت، فانظر برامجها، وبرامج الولاية في هذه الناحية تجعل بصرك يرتد إليك خاسئاً وحسيراً.

بشرت (البيلي) بالمائة ألف، أم لم تبشر، طالما سيؤتى بها في (ماعون الأصغر)، فلن تتسع لحل مشكلة البطالة ولو على طريقة البنج الموضعي، ولأن الولاية تدري إلى أي طريق ينبغي أن تتوجه حتى تقلل من حجم البطالة وسط الشباب، فإننا سوف لن نمل من تذكيرها بتلك الطريق الشاقة وهي الإنتاج، فلا حل غير المشروعات الإنتاجية الحقيقية، وهذه – إن أردتموها ولن فعليكم بالخدمة المدنية، إنها الشوكة التي تقصم ظهور برامجكم كلها، فاكسروا هذه الشوكة تفلحوا، وإلاّ فكفوا عنا (تمويلكم الأصغر).

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي

Exit mobile version