المهدي.. (اعتذر أم لا)؟!

[JUSTIFY]
المهدي.. (اعتذر أم لا)؟!

تُزعجني جداً، طريقة البحث عن انتصارات صغيرة، على حساب القضايا الكبيرة.
كل طرف ينتصر لنفسه، على أن تُسجَّل الهزيمة في حساب الوطن!.
في الوقت الذي كان من المفترض الانشغال فيه بخبر إطلاق سراح السيد الصادق المهدي، من محتجزه بسجن كوبر، وما يترتب على ذلك من فرص وخيارات، شغل البعض أنفسهم بالحديث عن أمر آخر:
هل اعتذر السيد الصادق المهدي أم لا؟!
وهل ما جاء في بيان المحامي علي قيلوب، (رئيس الهيئة المركزية لحزب الأمة)، اعتذار نيابة عن المهدي، أم هو تبرير لما قال عن قوات الدعم السريع، لا يحمل جديداً سوى تأكيد المؤكد سلفاً؟!.
البعض سار في اتجاه أن ما جاء في بيان قيلوب، اعتذار صريح من السيد الصادق المهدي، عبر من ينوب عنه، في مقابل فك سراحه وشطب البلاغ.
وآخرون يرون أن الرجل لم يعتذر لا صراحة ولا تلميحاً.
وكل ما في الأمر، أن بيان قيلوب، لا يخرج عن توضيح الموقف، بحيثيَّات ليست موضع خلاف، لا قبل الأزمة ولا بعدها.
خارج هذه المجاذبة الحمقاء، التي لا تفضي لشيء، من الواضح أن ما تم أمر مفيد، وخطوة ضرورية، لإصحاح البيئة السياسية.
الخطوة راعت حسابات الطرفين وتقديراتهما، وخرجت بتصور وفاقي يحقق غاية مهمة، وهي إطلاق سراح المهدي، مع إتاحة الفرصة لكل طرف أن يدعي ما يشاء.
المهم أن خروج السيد/ الصادق المهدي من كوبر، سيمنح فرصة أخرى، لمشروع الحوار الوطني، ليقطع خطوات إلى الأمام، رغم الأرضية الزلقة.
يُحمدُ للمهدي تمسكه بخيار الحوار، وهو داخل السجن، فلم يغيِّر موقفه الإستراتيجي، نزولاً لمشاعر الإحساس بالضرر الشخصي.
المعروف أن السجون والمعتقلات، تلقي بظلال ثقيلة على مواقف السياسيين، وتدفع بهم في اتجاه التطرف، حتى إن لم يُعلن من داخل القضبان.
صحيح أن الصادق المهدي تمسك بخيار الحوار، ولكن أتوقَّع أن يصبح أكثر تشدداً، في المداولات والتفاصيل والإجراءات.

ما بعد الاحتجاز وإطلاق السراح، ربما زاد نشاط التيارات الرافضة لمشروع الحوار الوطني داخل حزب الأمة.

ومن المحتمل أن يجد السيد الصادق المهدي صعوباتٍ جمةً، في تسويق نتائج الحوار، في أوساط قواعد الحزب، التي تمَّتْ تعبئتها في أيام الاحتجاز.
من مصلحة الحوار، وجعل نتائجه ذات جدوى، أن تظل القيادات المتحاور معها، محتفظة بقوتها ووزنها داخل تنظيماتها، وألا تضعف إلى الحد الذي يضطرها للتراجع إلى الوراء، أو التلاشي في المربعات الجديدة.
على الحكومة أن تسارع في تنظيف الأرضية السياسية من الزجاج والوحل.
ما حدث من عراك سياسي، في الفترة الماضية، يفرض عليها جهداً إضافياً، لجعل الحوار هو الطريق الوحيد للاستقرار السياسي، وتجاوز الأزمة الاقتصادية الخانقة، وإنهاء الحروب العبثية والاقتتال القبلي، حتى لا يصبح مشروع الحوار الوطني سباحةً خارج الماء، وطيراناً على الأرض.
[/JUSTIFY]

العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني

Exit mobile version