في الحلقة الأولى من حوار رياك مشار أمس استوقفتني شفافية مزمل.. في مقدمة الحوار قبل أن أطالع إفادات رياك، حين تحدث مزمل عن تعريفه بنفسه لرياك مشار ثم تعريفه لرياك بصحيفة (اليوم التالي) ونقله لتعليق رياك كما هو: “وذكرت له اسم صحيفتي، فردد الاسم خلفي، ثم قال: “دي جريدة جديدة.. على أيامنا ما كانت موجودة”، فقدمت له نبذة قصيرة عنها”..
في لغة التسويق والتضخيم والتهويم و(النرجسة) التي يتبعها بعض الناشرين يستحيل أن تطالع مثل هذا السطر بقلم رئيس تحرير وناشر في نفس الوقت حتى ولو كان يكتب السطر الأول في العدد الأول في صحيفته.. دعك من ناشر إحدى أكبر صحف المقدمة.
لن تجدوا ناشرا ورئيس تحرير ونجما لامعا بحجم مزمل أبو القاسم يكتب بقلمه أنه قام بتعريف نفسه واسم صحيفته للشخصية التي يحاورها، لكنه مزمل الواثق الشفيف الذي يعرف أن (اليوم التالي) ستظل هي الصحيفة الأكبر والأهم.. وأن أعلى طاقة تأثير وجاذبية في عمل الصحافة ترتبط بدرجة الصدق المهني وتلقائيته.
لم أفاجأ بهذا النهج الشفاف من مزمل فالرجل يتمتع بدرجة من العمق والوعي تجعله لا يفكر في حجب بعض الرسائل القاسية على الصحيفة أو عليه هو شخصياً والتي ترد من القراء عبر الباب المفتوح على مصراعيه للقراء (من طرف الحبيب)..
نعود لرياك مشار وحوار اليوم التالي في جزئه الأول أمس، نعود ونعزز المطالبة بوجوب تحليل الجهات الرسمية والاستراتيجية في بلادنا لمضمون الحوار بشكل دقيق، والاستفادة من النتائج في تطوير الموقف السوداني، لكن مع عدم التفريط في موقف الحياد الموضوعي الصعب جدَّاً الذي تنتهجه الحكومة تجاه الأزمة في جنوب السودان حالياً..
الخرطوم كانت قد اختارت الموقف الصحيح رغم صعوبة وتعقيدات هذا الاختيار في ظل التداخلات التي كان من المتوقع أن تؤثر على موقفها المعتدل والإيجابي لكنها نجحت وحتى الآن في المحافظة على ثقة الطرفين..
زيارة رياك مشار للخرطوم ليست هي المشكلة لكن محاولات رياك مشار لإفقاد الخرطوم حيادها وتكرار مغازلته لها بمساعدتها في إضعاف عصابات الجبهة الثورية والعدل والمساواة التي يواجهها كحليف لسفا كير.. هذه الكروت يجب على الخرطوم استبعادها تماماً من طاولة تقييم ومراجعة موقفها.
الشيء الوحيد الذي يمكن أن تمضي فيه الحكومة دون محاذير هو مواصلة الدور المهم في الوساطة داخل إطار الإيقاد، فمصالحكم مع سلفاكير ومصلحتكم في رياك مشار متساوية.
لكن الأهم والأولى هي مصلحة السودان في إنهاء الوضع القائم في الجنوب ويا حبذا لو استطاع البشير إنهاء هذا الوضع بدور مؤثر يشهد به الطرفان، لأن شهادتهما للسودان تبعد السودان عن مرمى النيران ومرمى شباك التآمر وتداعيات الأزمات الجنوبية القادمة ولو إلى حين.
[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي