** ذاك حال خريجي كليات التربية ، كما قال وكيلهم الذي وصف حال الكليات أيضا ..والحل ، كما جاء على لسان الوكيل ذاته ، هو : إلغاء كافة كليات التربية بالجامعات في حال عدم تحسينها لحالها أو إخضاع خريجيها إلى عامين تأهيل بمعاهد إعداد المعلمين في بخت الرضا وغيرها ، ثم إخضاعهم بعد العامين الدراسيين إلى إمتحان يؤهلهم للعمل في مهنة التدريس ..هكذا يرى الحل ، في أمرين أحلاهما مر ، فتأملهما صديقي القارئ ..نعم ، تأمل قرارا يلقي فيه الحكومة بجرة قلم كل كليات التربية بكل جامعات السودان ، أو قرارا آخر يلزم خريج كلية التربية بأن يلتحق مرة آخرى بمعهد بخت الرضا عاما وثانيا ، ثم يجلس بعد ذلك في إمتحان يؤهله للعمل في مجال التدريس ..!!
** وقبل شرح ما في الحلين من متاعب ومستحيلات ، ثمة إستفهامات تطل فجأة أمام القضية ، على شاكلة : متى إكتشفت وزارة التربية والتعليم العام بأن كليات التربية متردية وغير مؤهلة لتخريج أساتذة مؤهلين للعمل في مجال التدريس ..؟.. متى إكتشفت الوزارة هذا الأمر الجلل ، ولماذا صبرت على إكتشافها عقدا ونصف من الزمان ، رغم علمها بتفاصيل تلك الأحوال المأساوية أكثر من أية جهة أخرى ..؟ أم هى لم تكن تعلم بأن أعمار كليات التربية بعمر ثورة التعليم العالي ، وأن بعضها سابق لتلك الثورة التى طرحت الـ ( كم ) بعد أن غضت الطرف – باعتراف الوكيل وغيره – عن الـ ( كيف ).؟..لماذا كل هذا التأخير من قبل وزارة مناط بها تتبع الأداء العام عاما بعام ، وليس كل عقد ونصف ..؟..أم أن لهذا البوح الصارخ والتباكي المر على حال الكليات وخريجيها إذن وميعاد كان يجب على الوزارة ألا تخالف ذاك الإذن ولا تخلف هذا الوعد ..؟
** وعندما بحت أصوات بعض العقلاء والحكماء قبل كذا سنة بمطالبة الجهات العليا بأن تبعد مؤسسات التعليم عن الساسة وأهلها وتدعها فقط لخبرائها وأهل الكفاءة ، كان هناك إحساس في دواخلهم يشير بأن النتائج ستكون كتلك التي عرضها وكيل التربية ، مأساوية ومخيبة للآمال ..وصدق إحساسهم وماخابت تكهناتهم ، بحيث بلغ بعض الحال أمرا أرغم حتى جهة الإختصاص في التفكير جديا على إلغاء كليات هى ليست إلا مبان تفتقر لإبجديات المعانى ، أو كما شرحها الوكيل في ساعة صفاء ذهني خال من مؤثرات السياسة والتحزب الأعمى للنظريات الخاطئة .. ومع ذلك يجب أن تعلم الوزارة بأن التفكير أو المطالبة بالغاء كليات التربية أيضا نوع من نهج ( رزق اليوم باليوم ) المتبع في معالجة قضايا التعليم ، العام والعالي ..فالحل ليس في إلغاء تلك الكليات ، بل في الإلغاء الكامل لذاك النهج ، وإعادة التعليم – نهجا ومناهجَ وسلما – إلى خبرائه ، لينقذوا ما يمكن إنقاذه حاليا ، ثم ليصلحوا الحال مستقبلا ..وإن كانت لغة المدرس في التدريس غير سليمة – كما قال الوكيل – فكيف يا ترى سيكون حال الدارس ..؟..حال هذا حتما يغني عن السؤال .. ولذا المطلوب لإصلاح الحال ليس هو : إلغاء كليات التربية .. بل إلغاء النهج الآحادي الذي يفعل ما يشاء في التعليم وغيره .. أى ، ما خاب من استشار ..!!
إليكم – الصحافة الخميس 14/05/2009 .العدد 5704