كشفت مصادر مسئولة بوزارة الخارجية المصرية أن إسرائيل وافقت الأسبوع الماضي علي تمويل إنشاء 5 سدود لتخزين مياه النيل بكل من تنزانيا ورواندا، مشيرة إلى أن الموافقة الإسرائيلية جاءت في أعقاب قيام جهات بحثية إسرائيلية بعمل دراسات جدوى اقتصادية أثبتت أهمية إنشاء هذه السدود، فيما قللت ادارة مياه النيل بوزارة الري السودانية من الخطوة واعتبرت ان الحكومة الاسرائيلية تسعى فقط لخلق فتنة بين السودان ومصر والدول الافريقية من جهة وبين دول حوض النيل
من جهة اخرى واكدت ان “هذه الخطوة لا ترقى حتى لمستوى التعليق عليها”، في وقت فيه قال خبراء مصريون إن إنشاء هذه السدود بكل من تنزانيا ورواندا سيؤثر بالسلب في حصة مصر السنوية من مياه النيل.
تقليل سوداني
وقال مدير ادارة مياه النيل المهندس حيدر يوسف في تعليق لـ(السوداني) على الخطوة الاسرائيلية امس ان الخطوة وان تمت فلن تؤثر على السودان ومصر، مضيفا ان اي مشاريع مائية في الاحباس العليا للنيل لن يكون لها ضرر مباشر على السودان، مشددا ان اسرائيل تقوم بكل هذه الامور لإحداث فتنة بين الدول الافريقية وزرع المشاكل والصراعات بجانب إلهاء العالم عن ما تقوم به في حق الفلسطينيين من احتلال وقتل، مشيرا الى انه لا يمكن تخزين مياه النيل في تلك الدول اذا اخذ في الاعتبار الحصة وكمية التبخر وسيكون تأثيره على السودان ومصر ضعيفا.
تخوف مصري
في غضون ذلك، اوضح أستاذ المياه والرئيس الأسبق لجامعة المنوفية د. مغاوري شحاته دياب في حديث اوردته شبكة الاعلام العربية (محيط) امس إن إنشاء هذه السدود بكل من تنزانيا ورواندا سيؤثر بالسلب في حصة مصر السنوية من مياه النيل، مشيراً إلى أن القاعدة العلمية تقول إن إنشاء سدود تخزين المياه في منابع النيل سواء المنابع الإستوائية أو الحبشية يؤثر بالسلب في حصتنا المائية، واضاف دياب أن هذه الدول أقدمت علي إنشاء سدود لتخزين المياه دون موافقة مصر وإخطارها مسبقاً بهذه المشروعات المائية، وأشار دياب إلي أن الوجود الإسرائيلي في دول حوض النيل أقوى من الوجود المصري في هذه الدول، مبينا أن وجود إسرائيل في هذه الدول لا يصب إطلاقاً في خدمة المصالح المصرية، بل إن الوجود الإسرائيلي في دول الحوض يمثل عامل إزعاج لمصر، مؤكدا أن إسرائيل إذا لم تنجح في الضغط على دول الحوض لتخفيض حصة مصر السنوية من مياه النيل فإنها ستنجح على الأقل في منع زيادة حصة مصر السنوية من مياه النيل، وقال الخبير المصري إن الأقمار الصناعية ترصد حالياً إقامة مشروعات مائية في دول حوض النيل دون علم مصر، مضيفاً أن مصر تتعامل مع هذه الأزمة من خلال غض الطرف عن بعض المشروعات المائية التي تري أنها لا تؤثر بالسلب في حصة مصر من مياه النيل، رغبة منها في احتواء دول حوض النيل.
وأوضح دياب أن الباحثين في مجال المياه في دول حوض النيل يشكون مر الشكوى من موقف مصر، ويتهمون مصر بأنها تحرمهم من مياه نهر النيل من وجهة نظرهم، مضيفاً أن القضاء علي هذه الصورة النمطية السلبية وغير الحقيقية لدى دول حوض النيل عن مصر لن يتحقق إلا من خلال تخطي مرحلة الكلام الحالية إلى مرحلة الفعل وتنقسم هذه المرحلة إلى شقين الأول وهو تنفيذ مصر عدد من المشروعات المائية بدول الحوض لخدمة شعوبها، أما الشق الثاني فيتمثل في تقوية مصر لوجودها في دول حوض النيل، خاصة وأن الوجود الإسرائيلي أقوى منه.
تقسيم السدود
في السياق أضافت المصادر لجريدة (الدستور المصرية) إن نصيب تنزانيا من هذه السدود سيكون عبارة عن أربعة سدود، أما رواندا فسوف يكون نصيبها سداً واحداً. وأشارت المصادر إلى أن كلاً من تنزانيا ورواندا ستنشآن هذه السدود دون إخطار مصر وأخذ موافقتها المسبقة. وأوضحت أن هذه الموافقة تأتي بعد موافقة إسرائيل مطلع الشهر الجاري علي تمويل إنشاء ثلاثة سدود لتخزين مياه النيل في أوغندا. وجاءت موافقة دولة الاحتلال على إقامة هذه السدود في أعقاب الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان إلى خمس دول أفريقية، بينها 3 تقع في منطقة حوض النيل، واستغرقت 10 أيام، وبحث خلالها إنشاء مشروعات مياه مشتركة إلى جانب تطوير العلاقات الاقتصادية معه. وتحصل مصر بموجب اتفاقية توزيع مياه النيل التي وقعت عام 1929، على 48 مليار متر مكعب في العام، فيما يحصل السودان على نحو 18.5 مليار متر مكعب، في وقت تطالب فيه 7 دول أفريقية تقع على حوض النيل، بزيادة حصتها الضئيلة من المياه، بينها كينيا، وأوغندا، والكونغو، ورواندا، باعتبار أن اتفاقية مياه النيل، وقعت عندما كانت ترزح تحت حكم الاستعمار الغربي، وليست لديها إرادة وطنية.
يذكر ان مبادرة حوض النيل شملت عشر دول ضمت دول المنبع والمصب، ووقعت آخر اتفاقية بينها في فبراير 1999م بتنزانيا، بهدف تدعيم اواصر التعاون الاقليمي بينها، ويقع حوض النيل بنسبة (64.6%) من مساحته في السودان، و(10%) في مصر و(11.7%) في اثيوبيا وبقية الدول تقل عن مصر كثيراً فيما جميع دول حوض النيل عدا مصر والسودان تملك حاجتها من المياه وزيادة لكثرة البحيرات العذبة والانهار، ونسبة لهطول الامطار المتواصلة، بينما يعتمد السودان على (77%) ومصر (97%) على مياه النيل، لذا كان التركيز في اتفاقية حوض النيل 1959م على بند الأمن المائي الذي ينص على عدم السماح باقامة أي مشروعات في دول حوض النيل إلاّ بعد الرجوع الى دولتي المصب (مصر والسودان).
صحيفة السوداني
الخرطوم: أيمن مستور – وكالات