الخرتيت !!!

[JUSTIFY]
الخرتيت !!!

* إبن حيِّنا فيصل ـ طالب الهندسة خلال الثمانينيات ـ كان مولعاً بأشياء ثلاثة حتى اشتهر بذلك على نطاق الحي كله..
* و الأشياء هذه هي ؛ الأكلة المعروفة بـ (القطر قام)، و(باغات!!) الخالة سكراية، وابنة الحي الجميلة ندى الملقبة بـ (الهندية) ..
* ورغم أن الأخيرة هذه ليست (شيئاً) الا أنها قد تغدو نحواً من ذلك ـ لدى فيصل ـ اذا ما رماها حظها العاثر في سكته عقب ممارسته (ولعه الثاني)..
* ففي يوم كان عائداً من سكراية ـ وقد أفرغ نصف (الباغة) في جوفه ـ صادف في طريقه معشوقته (هندية) وطفق يحدق في وجهها ملياً كأنه يراها للمرة الأولى..
* وبعد تفرُّسٍ دام دقائقَ بثوانيها ـ وندى في عجب من أمره ـ نطق (هندسة) بكلمات كانت هي آخر ما بينهما من كلام..
* فقد سألها وكأنه يسائل نفسه: (أنا شفتِك وين؟! شفتِك وين؟! آه، إنتِ محمد ولد)..
* ولقب (محمد ولد) هذا كان قد فارق ندى منذ لحظة مفارقتها مرحلة شقاوة الصبا وولوجها دنيا الأنوثة..
*ثم فارقت هي نفسها صاحبنا فيصل ليظفر بحسنها الخرافي مغترب (دميم) كان قد أتى يبحث عن عروسٍ (حلوة) ..
* وما يهمنا من القصة المذكورة هو عبارة (شفتك وين؟!) هذي..
* فهناك تصريحات (ولع!!) بها نفر من قادة الانقاذ لا تبدو غريبةً على مسامعنا دونما ولع من جانبنا بـ (مُشتِّتات) الذاكرة التي أفقدت إبن حيِنا (هندسة) فتاته..
* ومن التصريحات هذه ما أدلى به قيادي إنقاذي على خلفية حديثٍ عن إحتمال تأثر بلادنا بالذي يجري من حولنا..
* فقد قال القيادي الكبير إن النظام القائم في السودان بمنأى عن مثل (الحراك) هذا بسبب ما سماه (الاستقلال في التوجه)، و(الاستقلال في العودة الى الجذور) و (الاستقلال في المنهج الاقتصادي)، و(الاستقلال في العلاقات الخارجية)..
* فمثل الحديث هذا سمعناه – بحذافيره – من القذافي حين ثار الشعب التونسي..
* وسمعناه من علي عبدالله صالح حين ثار الشعب الليبي..
* وسمعناه من بشار الأسد حين ثار الشعب اليمني..
* أما نظام مبارك فقد كان صاحب العبارة الشهيرة (إحنا حاجة تانية خالص)..
* ولو رجعنا الى الوراء أكثر ـ الى ما قبل انقلاب الإنقاذ ـ فيمكننا أن نتذكر تصريحات من الشاكلة ذاتها ..
* تصريحات من قبيل: (أنا مافي قوة بتقدر تشيلني)، و(سنسحق المعارضة كما العقارب)، و(الشعب بحبنا وما ممكن يفرِّط فينا)..
* وبعيداً عن المتشابهات هذه التي تستحضر تساؤل فيصل (أنا شفتكِ وين؟!) دعونا نسائل القيادي المغرم بـالتحدِّى عن (الاستقلالية!!) التي يفاخر بها نظامه..
* أليست أشكال (الاستقلالية) هذه كافة هي التي أفضت بنا ـ بعد نحو عقدين من الزمان ـ الى (انتقاص!!) في الارض، و في السيادة، وفي القرار، وفي الأخلاق؟!..
* فإن لم تكن هنالك قوات أجنبية تجوس خلال ديارنا….
* وإن لم تكن حلايب قد (راحت في الباي باي) ومعها الفشقة التي ضاعت (تنش تنش)….
* وإن لم تكن سجلاتنا الشرطية تسجل حالات غير مسبوقة في ظاهرة الأطفال مجهولي الأبوين، والشقق المفروشة (إياها)، وتعاطي المخدرات ، و(زواج المثليين!!)…..
* وإن لم تكن اسرائيل (تبرطع) كما تشاء عند حدودنا الساحلية…..
* وإن لم تكن حكومة ولايتنا المركزية قد لجأت إلى فكرة حفر خندق حول العاصمة مذكرةَ إيانا بعهود حروب الفرس والروم والتتار…..
* وإن لم يكن هناك حديث عن تخصيص أراضٍ من شمالنا النوبي لـ(أشقاء) عرب..
*وإن لم تكن هنالك أيلولة لمرافق (وطنية!!) الى مستثمرين (أجانب)..
* إن لم يكن ذلكم كله موجوداً فان (تغبيشاً) للعقل مثل الذي أصاب فيصل (هندسة) يكون قد أصابنا نحن أيضاً..
* وفي الحالة هذه فلا تثريب علينا إن نحن تفرسنا ملياً في سوداننا متسائلين: (أنا شفتك وين؟! شفتك وين؟!) ..
* ثم نضيف غير عابئين بحيرة السودان المسكين: (آه؛ إنت الخرتيت !!!!!) .

[/JUSTIFY]

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة

Exit mobile version